للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشيخ العلَّامة محمد بن إبراهيم بن محمود، والشيخ عبد الله بن الشيخِ عبد اللَّطيف، حتى بَرَع وفاقَ أقرانهُ، ثم إنه تاقت نفسُهُ إلى الرِّحلة في طلب العِلمِ أُسوةً بالأئمة الأعلام، فسافر إلى الهِنْدِ سنةَ تسعٍ وتسعين ومئتين وألف لطلبِ علمِ الحديث، وهذه السنة تُسمَّى في نجد أمَّ العَصافير، سافر للأخذِ عن عُلماء الهند، فَقَدِمَ بهوبال، واجتمعَ فيها بالعلَّامةِ الشيخِ صدِّيق بن حسن خان، صاحب التفسير المسمى "جامع البيان"، وأخذ عن غيره من العلماء المُقيمين إذ ذاك بأرضِ الهند، مثل الشيخ حُسين بن مُحسِن الأنصاري اليَمَاني، والشيخ نذير حُسين، وغيرِهما، وقرأ عليهما في علم الحديث، وطَلَب منهما الإجازةَ، فأجازاه بما تَجُوز لهما روايته، كما هو مذكور في إجازاته، ثم إنه حجَّ في سنة … وقد توفي والده في سَفَرِهِ، فقرأ على الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى بمكة غالبَ "قواعد ابن اللَحَّام" في الأصول، وطلب منه الإجازة فأجازَهُ، واجتمع بكثيرٍ من علماء مكةَ، ثم عادَ إلى وطنِهِ، فبقي في بلد الأفلاج، وتولى القضاءَ فيها مدَّةَ ولايةِ آل رَشِيد، واستمرَّ في مَنْصِبه القضائي، إلى أن استولى على نجد الإمامُ عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، فاستدعاهُ للرِّياض، وقلَّده القضاءَ في الدِّماء والقضايا التي للبَوَادي، وقد أخبرني بعضُ الثقات من أهل الأفلاجِ أن الإمامَ لما استولى على الأفلاج، ووَجَد الشيخَ بها قال: وجدت كيِّسًا في خرِبة، يشير إلى أن الأفلاج ليست محلًا للشيخ، فنَقَلَهُ إلى الرِّياض من وقتئذٍ، وكانت له حلقتان للتَّدريس في جامع الرِّياض، إحداهما بعد طلوع الشمس، والأخرى بعد صلاةِ الظُّهرِ، وكان شديدَ التَّحري والضَّبطِ في دُروسِهِ، بضبطِ الألفاظِ والاحتراز من اللَّحنِ وإن قلَّ، وكان قليلَ الكلامِ، كثيرَ التَّثبُّتِ، لا يُقرأ عليه في كتاب إلا إذا كان قد راجعَ ماله من شروحِ وحواشٍ، واستوفاه مطالعةً، وإذا لم يتمكن من المُطالعة لم يسمح للقارئ بالقراءة عليه في ذلك الكتاب، وإذا حَصَل إشكالٌ في مسألة أثناءَ الدَّرس، لم يتجاوزها حتى يَزُولَ ذلك الإشكالُ، وربَّما بَعثَ من يحضر له الكتب التي تكون مَظِنَّةً لذلك، ووقف القارئ، فإذا لم تَنْحل قطعَ التَّدريسَ، وقد شاهدت ذلك منه، وكان لا يتركُ الطَّالبَ يقرأ عليه من عباراتِ الفقهاء أكثر من أربعِ مسائل أو خمسٍ، ثم يشبع الكلامَ عليها، منطوقًا ومفهومًا، حتى لا يتركُ في النَّفسِ حاجةً إلى السؤال عن