شيءٍ، وكان أكثر جلوسه القُرفُصاء، كثيرَ التواضعِ، لا يتكلَّف في مَلْبَسِهِ، تُذكَّرُ رؤيتُهُ السَّلفَ الصالحَ، وكفَّ بصره في آخر عمره، وتخرَّج به جماعةٌ من العلماء، وقُصِدَ من أطراف نجدٍ للأخذ عنه، فممن أخذ عنه شيخُنا الشيخُ عبد الله بن عبد العزيز العنقري، والشيخُ عبد الله بن حسن بن حُسين، والشيخُ محمد بن إبراهيم، والشيخُ عبد الله بن حسن بن عبد الملك، وابنُهُ الشيخ محمد، والشيخُ عبد العزيز الشثري، وعبد العزيز بن صالح بن مُرشِد، وغيرهم، وكنتُ ممن أخذ عنه، قرأتُ عليه قطعةً من جامع التَّرمذي، وبعضَ "شرح زاد المستقنع"، وكنت غالبًا أذهبُ مَعَهُ إلى بيته بعد الدَّرسِ لمراجعةِ بعضِ المسائل، وكان حريصًا على الاطلاع على كلام العلماءِ وما كَتَبُوه، من حواشٍ وتقريراتٍ وتقييداتٍ، وله أجوبة قليلة على بعض المسائل، وله رسالةٌ سَمَّاها:"حجة التحريض في النَّهي عن الذبحِ للمريض"، و"نَظَم المفاتيح" لابن القيِّم، وشرع في نظم "زاد المستقنع" للشيخ موسى الحجَّاوي، فاخترمته المنيَّةُ قبل إِتمامِهِ. انتهى في نظمِهِ إلى التَّعزيرِ، وكان نَظْمُهُ له قبل أن يقف على نظم أبي الغُنَيم الزُّبيري، فلم اطَّلع عليه قال: لو علمت ما تكلَّفتُ في شيءٍ من ذلك، ثم أوصى أخاه أن يَحرِقَ نظمه، فكان في بلاد الأفلاج، فلم يَفْعَل، وقد بحثتُ عن نَظْمِهِ لما قَدِمتُ الرِّياضَ بعد وفاة الشيخِ، وسألت ابنَهُ عنه، فلم يكن عندَهُ عِلمٌ منه، وكان له النَّظم الرَّائق، وتوفي رحمه الله يوم الاثنين بعد العصر، ثالث عشر جمادى الأولى، سنةَ تسعٍ وأربعين وثلاث مئة وألف، وصُلَّي عليه في جامع الرِّياض، وتولَّى الصَّلَاة عَليه الشيخُ محمد بن عبد اللَّطيف، ودُفن في مقبرة العود، وتأسَّف الناسُ لموتِهِ، وازدحموا على نعشه، وصُلِّي عليه أيضًا في مكة والمدينة صلاةَ الغائبِ، ورَثَاه جملةٌ من الشُّعراء، مثل محمد ابن عُثَيمْين والشتري، وعبد الملك بن إبراهيم، وغيرِهم رحمه الله رحمةً واسعةً.
قلت: قد اجتمعتُ به سنةَ ثمانٍ وأربعين وثلاث مئة وألف في بلد الرِّياض، فاستفدتُ برؤيته قبل أن أسمع كلامَهُ، ولم أرَ مثلَهُ فيمن تقدَّمه أو عاصرَهُ، ولأهل الرِّياض خصوصًا ونجدِ عمومًا فيه اعتقادٌ يَفوقُ الحَدَّ، ثم وَرَدَ الخبرُ بوفاتِهِ علينا وأنا في بُرَيْدَة القَصِيم، بالتَّاريخ المتقدِّم، فكان لخبر وفاتِهِ