للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لي: يا صالح، معك دراهم؟ قلت: نعم. قال: أعطهم. فأعطيتهم درهمًا درهمًا، فلما صرنا إلى الحنّاطين قال يعقوب: قفوا ها هنا، ثم وجه إلى المتوكل يعلمه بمصيرنا، فدخلنا العسكر وأبي منكس الرأس، ثم جاء وصيف يريد الدار، فلما نظر إلى الناس وجمعهم قال: ما هؤلاء؟ قالوا: هذا أحمد بن حنبل، فوجه إليه بعدما جاز يحيى بن هَرْثَمة فقال: الأمير يقرئك السلام ويقول: الحمد لله الذي لم يشمت بك أهل البدع، قد علمت ما كان حال ابن أبي دؤاد، وينبغي أن تتكلم بما يحب الله عزّ وجلّ، ثم أنزل دار إيتاخ، فجاء علي بن الجهم فقال: أمر لكم أمير المؤمنين بعشرة آلاف مكان التي فرقها، وأمر أن لا يعلم بذلك أحمد فيغم. ثم جاءه أحمد بن معاوية فقال: إن أمير المؤمنين يكثر ذكرك، ويشتهي قربك وأن تقيم ها هنا تحدث، فقال: أنا ضعيف، ثم وضع أصبعه على أسنانه، فقال: إن بعض أسناني يتحرك وما أخبرت بذلك ولدي، ثم وجه إليه: ما تقول في بهيمتين انتطحتا، فعقرت إحداهما الأخرى فسقطت فذُبحت؟ فقال: إن كان طرفَ بعينه أو مصعَ بذنبه وسالَ دمُه فيؤكل:

ثم صار إلى يحيى بن خاقان فقال: يا أبا عبد الله قد أمرني أمير المؤمنين أن أسيرَ إليك لتركبَ إلى أبي عبد الله ولدِه، وأمرني أن أقطع لك سوادًا وطيلسانًا وقلنسوة، فأي قلنسوة تلبس؟ فقلت: ما رأيته لبس قلنسوة قط، وقال: إن أمير المؤمنين أمر أن نصير لك مرتبة في أعلى، ويصير أبو عبد الله في حِجرك، ثم قال لي: قد أمر أمير المؤمنين أن يجري عليكم وعلى قراباتكم أربعة آلاف درهم، ثم عاد يجيء من الغد، فقال: يا أبا عبد الله تركب؟ فقال: ذاك إليك، فقال: استخر الله عزّ وجلّ، فلبس إزاره وخفيه، وكان خفُّه قد أتى عليه نحو من خمسة عشر سنة مرقوعًا برقاع عدة، فأشار يحيى أن يلبس قلنسوة فقلت: ما له قلنسوة، ولا رأيته لبس قلنسوة، فقال: كيف يدخل حاسرًا وطلبنا له دابة يركبها؟ قال يحيى: فصلى فجلس على التراب وقال: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} ثم ركب بغلَ بعض التجار فمضينا معه، حتى إذا دخل دار أبي عبد الله أُجلس في بيت في الدهليز، ثم جاء يحيى فأخذ بيده، حتى أدخله ورفع الستر ونحن ننظره، فقال له: يا أبا عبد الله إن أمير المؤمنين جاء بك ليتبرك بقربك، ويصيِّر أبا عبد الله في حجرك.