الله عهدًا إنَّ عهدَه كان مسؤولًا وقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} أني لا أحدث حديثًا تامًا أبدًا حتى ألقى الله عزّ وجلّ، ولا أستثني منكم أحدًا.
وجاء علي بن الجهم: فأخبرناه، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، وأخبر المتوكل بذلك.
وقال أبي: تريدون أن أحدث فيكون هذا البلد حبسي، وإنما كان سبب الذين أقاموا بهذا البلد أنهم أُعطوا فقبلوا، وأُمروا فحدَّثوا.
وكان يدخل عليه يحيى ويعقوب وعتاب وغيرهم، فيتكلمون وهو مغمض العين يتعلل، وضعف ضعفًا شديدًا، فكانوا يخبرون المتوكل فيتوجع لذلك، ويوجه إليه في كل وقت يسأله عن حاله، وفي خلال ذلك يأمر لنا بالمال، فيقول: يوصل إليهم ولا يُعلم شيخهم، ويقول: ما يريد منهم إن كان هو لا يريد الدنيا؟ فلا يمنعهم.
وقالوا للمتوكل: إنه لا يأكل من طعامك ولا يجلس على فراشك، ويحرم هذا الشراب الذي تشرب، فقال: لو نُشر المعتصم فقال فيه شيئًا لم أقبله.
قال صالح: ثم انحدرت إلى بغداد وخلفت عبد الله عنده، فإذا عبد الله قد قدم وجاء بثيابي التي كانت عنده فقلت: ما حالك؟ فقال: قال لي: انحدر وقل لصالح لا يجيء، فأنتم كنتم آفتي، والله لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أخرجت واحدًا منكم معي، ولولا مكانتكم لمن كانت توضع هذه المائدة؟ ولمن كانت تفرش هذه الفرش؟ ويجرى له هذا الشيء؟ فكتبتُ أُعلمه بما قال عبد الله، فكتب بخطه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أحسن الله عاقبتك، ودفع عنك السوء برحمته، كتابي إليك وأنا بأنعم من الله عزّ وجلّ متظاهرة، وأسأله تمامها، والمعونةَ على أداء شكرها، قد انفكت عنا عقد إنما كان حبس من كان ها هنا لمّا أُعطوا فقبلوا، وأجري عليهم فصاروا في الحدّ الذي صاروا إليه، وحدَّثوا فدخلوا عليهم، فنسأل الله عزّ وجلّ أن يعيذنا من شرهم، وأن يخلصنا، فقد كان ينبغي لكم لو فديتموني بأموالكم وأهليكم لهان ذلك عليكم للذي أنا فيه، ولا يكبر عليكم ما أكتب به إليكم، فالزموا بيوتكم لعل الله أن يخلصنا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.