وما بك من علة إلا الضعف وقلة الرِّزّ، وإن عبادنا ربما أمرناهم بأكل دهن الحل فإنه يلين، وجعل يجيئه بالشيء ليشربه فيصبه.
وجعل يعقوب وعتاب يصيران إليه فيقولان له: يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول في ابن أبي دؤاد وفي ماله؟ فلا يجيب في ذلك شيئًا، وجعلا يخبرانه بما يحدث من أمر ابن أبي دؤاد في كل يوم، ثم أصدر ابن أبي دؤاد إلى بغداد بعد ما أشهد عليه ببيع ضياعه، وكان ربما صار إليه يحيى وهو يصلي، فيجلس في الدهليز حتى يفرغ ويجيء علي بن الجهم فينزع سيفه وقلنسوته ويدخل عليه.
وأمر المتوكل أن يُشترى لنا دار فقال لي: يا صالح. قلت: لبيك. قال: لئن أقررت لهم بشراء دار لتكونن القطيعة بيني وبينك، إنما يريدون أن يصيروا هذا البلد لي مأوى ومسكنًا، فلم يزل يدفع شراء الدار حتى اندفع، وصار إليّ صاحب المنزل فقال: أعطيك كل شهر ثلاثة آلاف درهم مكان المائدة، فقلت: لا وجعلت رسل المتوكل تأتيه يسألونه عن خبره فيصيرون إليه فيقولون له: هو ضعيف، وفي خلال ذلك يقولون: يا أبا عبد الله لا بدّ له من أن يراك، فيقول: وما علمهم من أنه لا بدّ أن يراني.
وجاء يعقوب فقال: يا أبا عبد الله أمير المؤمنين مشتاق إليك، ويقول: انظر اليوم الذي تصير إليّ فيه: أي يوم هو حتى أعرفه؟ فقال: ذلك إليكم، فقال: يوم الأربعاء يوم خالٍ، ثم خرج يعقوب، فلما كان من الغد جاء فقال: البشرى يا أبا عبد الله أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول: قد أعفيتك عن لبس السواد والركوب إلى ولاة العهد وإلى الدار، فإن شئت فالبس القطن، وإن شئت فالبس الصوف، فجعل يحمد الله عزّ وجلّ على ذلك، ثم قال له يعقوب: لي ابن وأنا به معجب، وله من قلبي موقع، فأحب أن تحدثه بأحاديث، فسكت، فلما خرج قال: أتُراه ما يرى ما أنا فيه، لو بلغ أنفه السماء ما حدثته، لا أحدث حتى يوضع الحبل في عنقي.
وقال صالح: كان أبي يختم من جمعة إلى جمعة، فإذا ختم يدعو ونؤمِّنُ على دعائه، فلما فرغ جعل يقول: أستخير الله، مرارًا، فجعلت أقول ما يريد؟ قال: أُعطي