أما المنامات التي رئي فيها أحمد فهي كثيرة جدًا، وسأذكر منها البعض:
فمن ذلك: قول مِهْران الحمال: رأيت أحمد بن حنبل في المنام، وكأنَّ عليه بردًا مخططًا أو معينًا، وكأنه بالري يريد المصير إلى الجامع يوم الجمعة، فاستعبرت بعض أهل التعبير، فقال: هذا يشتهر بالخير، فما أتى عليه إلا قريب حتى ورد ما ورد من أمر المحنة.
وقال أبو حاتم الرازي: رأيته في المنام أفخم ما كان، وأحسن وجهًا، فجعلت أسأله الحديث وأذاكره.
ورأى رجل كأن ملكًا نزل من السماء ومعه سبعة تيجان، فأول من توَّج من الدنيا أحمد بن حنبل.
وقال زكريا بن يحيى السمسار: رأيته في المنام، وعلى رأسه تاج مرصع بالجوهر، في رجليه نعلان، وهو يخطو بهما، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وأدناني من نفسه، وتوَّجني بيده، وقال: هذا بقولك: "القرآن كلام الله غير مخلوق". فقلت: ما هذه الخَطْرَة التي لم أعرفها في دار الدنيا؟ قال: هذه مِشْيَة الخَدَّام في دار السَّلام.
وقال محمد بن خزيمة: لمَّا مات أحمد بن حنبل اغتممت غمًّا شديدًا، فبتُّ من ليلتي فرأيته في المنام وهو يتبختر في مشيته، فقلت له: أيُّ مِشْيَةٍ هذه؟ فقال: مِشية الخدام في دار السلام. فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وتوَّجني وألبسني نعلين من ذهب، وقال لي: يا أحمد هذا بقولك: القرآن كلامي، ثم قال لي: يا أحمد ادعني بتلك الدعوات التي بلغتك عن سفيان الثَّوري كيف تدعو بهن في دار الدنيا. فقلت: يا ربَّ كلِّ شيء، لا تسألني عن شيء، اغفر لي كلَّ شيء. فقال لي: يا أحمد هذه الجنة فقم فادخل إليها فدخلت فإذا أنا بسفيان الثَّوري، وله جناحان أخضران يطير بهما من نخلة إلى نخلة، وهو يقول:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} قال: فقلت: ما فعل عبد الوهاب الورَّاق؟ قال: تركته في بحر من نور، في زلال من نور، يزور ربَّه الملك الغفور. فقلت: ما فعل