بِشْر؟ قال: بخ بخ، ومن مثل بشر؟! تركته بين يدي الجليل، وبين يديه مائدة من الطعام، والجليل يقول وهو مقبل عليه: كل يا مَنْ لم يأكل، واشرب يا من لم يشرب، وانعم يا من لم ينعم.
ورويت هذه الحكاية من وجه آخر، وفيها زيادة: قال أحمد: قال الله لي يا أحمد: لم كتبت عن حريز بن عثمان؟ فقلت: يا رب كان ثقة. فقال: صدقت، ولكنه كان يبغض عليًا أبغضه الله … إلى آخر الحكاية. قال: فلما أصبحت تصدقت بعشرة آلاف درهم.
ورويت أيضًا من وجه آخر بزيادة: فقلت يا أحمد: ما فعلت مِسْكينةُ الطُّفَاوِيَّة؟ قال لما سألت عنها، فإذا هي ورائي تقول: هَيْهات هَيْهات ذهبت المَسْكَنَة اليوم وجاء الغنى.
وقال بعضهم: رأيت كأن القيامة قد قامت، وإذا برجل جاء على فرس به من الحُسْن ما الله به عليم. ومنادٍ ينادي ألا لا يتقدمَنَّ اليوم هذا أحد. قلت من هذا؟ قالوا: أحمد بن حنبل.
وقال عبد الله: رأيت أبي في النَّوم، فقلت: يا أبتِ ما فعَل الله بك؟ قال: وقفني بين يديه، وقال: يا أحمد بسببي ضُربتَ، ومن أجلي امتُحنت، هذا وجهي قد أبحتك النظر إليّ.
ورأى أحمد بن محمد الكندي مثل ذلك.
وقال علي بن الموفق: رأيت كأني أدخلت الجنة، فإذا أنا بثلاثة نفر: رجل قاعد على مائدة، قد وكل الله به ملكين: ملك يطعمه، وملك يسقيه. وآخر واقف على باب الجنة، ينظر إلى وجوه قوم فيدخلهم. وآخر واقف في وسط الجنة شاخص ببصره إلى السماء، ينظر إلى الرب. فجئت إلى رضوان، فقلت: مَنْ هؤلاء؟ فقال: أما الأول: فبشر الحافي: خرج من الدنيا وهو جائع عطشان. وأما الثاني الواقف في وسط الجنة: فمعروف الكرخي عَبَدَ الله شوقًا منه للنظر فقد أعطي. وأما الواقف على باب الجنة: