وقال ابن الأَهْدل: هو لسان الوقت المرجوع إليه في آداب الظاهر، يذهب إلى أسد المذاهب مع ما يرجع إليه من صحة الاعتقاد وصحبة الفقراء، وكان الباقلاني والإِسفرائيني يُقبَّلان يده ويُجلَّانه، وكان أول أمره ينسخ بالأجرة، ويبرُّ أمَّه، فأراد الحج فمنعته أمه، ثم رأت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: دعيه يحج، فإن الخيرة له في حجه في الآخرة والأولى، فخرج مع الحاج، فأخذهم العرب وسلبوه، فاستمر حتى ورد مكة، قال: فدعوت في البيت، وقلت: اللهم إنك بعلمك غني عن إعلامك بحالي، اللهم ارزقني معيشة أشتغل بها عن سؤال الناس، قال: فسمعت قائلًا يقول: اللهم إنه ما يحسن يدعوك، اللهم ارزقه عيشًا بلا مشقة، فأعدت ثلاثًا وهو يعيد ولا أرى أحدًا.
وروى الخطيب: أن ابن سمعون خرج من المدينة الشريفة إلى بيت الله ومعه تمر صيحاني، فاشتهى الرُّطب، فلما كان وقت الإِفطار إذا التمر رطبًا فلم يأكله، فعاد إليه من الغد فإذا هو تمر فأكله. انتهى المراد منه.
وذكره ابن الجوزي في "صفة الصفوة"(١) بترجمة طويلة جدًا، وسأنقل منها ما يحسن نقله مما لم يتقدم.
قال ابن الجوزي: قال الحسن بن محمد الخلَّال: قال لي أبو الحسين ابن سَمْعُون: ما اسمك؟ فقلت: حسن. فقال: قد أعطاك الله الاسم فسلْهُ أن يعطيك المعنى. وقال أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن المظفر: سمعت ابن سمعون يقول: رأيت المعاصي دناءةً فتركتها مروءة، فاستحالت ديانة. وقال علي بن طلحة المقرئ: سمعت ابن سَمْعون يقول: كل مَنْ لم ينظر بالعلم فيما لِلّه عليه، فالعلم حجة عليه ووبال. وسمعته يقول: الصادقون الحُذَّاق هم الذين نظروا إلى ما بذلوا في جنب ما وجدوا، فصغر ذلك عندهم، فاعتذروا. وسمعته يقول: كل داء عرف دواؤه فهو صغير، والذي لم يعرف له دواء كبير. وسمعته يقول: اجهد يا هذا أن يُسرق منك