قال ابن الجوزي: كان الوزير يتأسَّفُ على ما مضى من زمانه، ويندمُ على ما دخل فيه، ثم صار يسأل الله تعالى الشهادة، ونام ليلةَ الأحد ثالث عشر جمادى الأولى سنة ستين وخمس مئة في عافية، فلما كان وقت السحر حَضَر طبيب كان يخدمه، فسقاه شيئًا فيقال: إنه سمٌ فمات، وسقي الطبيب بعده بستة أشهر سمًا، فكان يقول: سُقِيْتُ كما سَقَيْتُ.
وحملت جنازة الوزير إلى جامع القصر، وصُلَّيَ عليه، ثم حُمِل إلى مدرسته التي أنشأها بباب البَصْرة فدفن بها، وغلقت يومئذٍ أسواق بغداد، وخرج جمعٌ لم نره لمخلوقٍ قط، وكَثُر البُكاء عليه. انتهى.
وله تصانيف كثيرة، منها كتاب "الإِفصاح عن معاني الصِحاح" في عدة مجلدات، وهو شرح "صحيحي" البخاري ومسلم، ولما بلغ فيه إلى حديث:"مَنْ يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقَّهْهُ في الدِّين" شرح الحديثَ وتكلَّم على معنى الفِقْه، وآلَ به الكلامُ إلى ذكر مسائل الفقه المتفق عليها والمختلف فيها بين الأئمة الأربعة المشهورين، وقد أفرده الناس من الكتاب وجعلوه بمفرده مجلدةً وسَمَّوْهُ كتاب "الإِفصاح" وهو قطعة منه، وهذا الكتاب صنَّفَه في ولايته الوَزَارَةَ، واعتنى به، وجمع عليه أئمة المذاهب، وأوفدهم من البلدان إليه لأجله، بحيث أنفق على ذلك مئة ألف دينار، وثلاثة عشر ألف دينار، وحَدّث به، واجتمع الخلقُ العظيمُ لسماعه عليه، واشتغل به الفقهاءُ في ذلك الزمان على اختلاف مذاهِبهم.
وله كتاب "الإِشراف على مذهب الأشراف" في فقه الشافعية، ومختصر "إصلاح المنطق" لابن السَّكِّيْت، و"المقتصد في النحو والعبادات الخمس" في مذهب أحمد، وأرجوزة في المقصور والممدود، وأرجوزة في علم الخط، و"الطامس والغَالس" في السَّيْميَاء، و"اختلاف العلماء"، "الإِجماع والاختلاف".
وقال: صاحبُ "هدية العارفين"(١) إنَّ له كتاب "الإِفصاح عن شرح معاني