ابن عقيل، وأبي الخطَّاب الكَلْوَذَاني، وأبي الحسين محمد بن القاضي أبي يعلى، والمبارك المُخَرَّمي، وسمع الحديث من جماعةٍ، وعلومَ الأدب من آخرين، وصَحِب حمَّادًا الدَّبَّاس، وأخذ عنه علمَ الطريقة، بعد أن لبس الخِرْقة من أبي سعد المبارك المُخرَّمي، وفَاقَ أهل وقته في علوم الديانة، ووقع له القبول التام مع القَدَم الراسخ في المجاهدة، وقطع دواعي الهوى والنفس، ولما أراد الله إظهاره أضيف إلى مدرسة أستاذه أبي سعد المخرمي، فعمَّرها وما حولها، وأعانه الأغنياء بأموالهم، والفقراء بأنفسهم، فكملت في سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة، ثم تصدَّر فيها للتدريس والوعظ والتذكير، وصنَّف وأملى، وسارت بفضله الركبانُ ولُقَّب: بمجمع الفريقين، وموضَّح الطريقين، وكريمِ الجَدَّين، ومُعلَّم العِراقَيْن.
وتَلْمَذ له أكثرُ الفقهاء في زمنه، ولبس منه الخرقةَ المشايخُ الكبار، وله نظمٌ فائِقٌ رائِقٌ، وتاب على يديه معظمُ أهل بغداد، وأسلمَ معظمُ اليهود والنصارى على يديه.
قال الشيخ موفق الدين بن قُدامة - وقد سئل عنه -: أدركناهُ في آخر عمره، فأسكننا مدرستَه، إلى أن قال: ولم أسمع عن أحدٍ من الكرامات يُحكى عنه أكثرَ مما يُحكى عنه، ولا رأيت أحدًا يُعظَّمه الناسُ من أهل الدين أكثر منه.
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: ما نُقِلت إلينا كراماتُ أحدٍ بالتواتر إلا الشيخ عبد القادر.
وقال ابن النجَّار: قال الشيخ عبد القادر: فتشتُ الأعمال كلَّها فما وجدتُ فيها أفضلَ من إطعام الطعام، أودُّ لو كانت الدنيا بيدي فأُطعمها الجِياع. وقال: الخلقُ حجابُك عن نفسك، ونفسُك حجابُك عن ربك، ما دمتَ ترى الخلقَ لا ترى نفسك، وما دمت ترى نفسَك لا ترى ربَّك.
وقال ابن السمعاني: هو إمامُ الحنابلة، وشيخُهم في عصره، فقيهٌ صالحٌ ديِّن خيَّرٌ، كثيرُ الذكر، دائم الفكر، سريع الدمعة، كتبت عنه، وكان يسكن بباب الأَزَج في المدرسة التي بنيت له.
وقال ابن رجب: ظهر الشيخُ عبد القادر وجلس للناس يعظُ بعد العشرين