للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان إليه المنتهى في حُسن القراءة وسرعتها وفصاحتها، مع الفهم والعذوبة، وانتهت إليه الإِمامة في النحو، وكان ظريفًا، مزَّاحًا قَذِرًا وَسِخَ الثياب، يستقي في جَرَّةٍ مكسورة، وما تأهَّل قطُّ ولا تسرَّى، توفي في رمضان سنة سبع وستين وخمس مئة. قاله في "العبر".

وقال ابن النجَّار: كان أعلم أهل زمانه بالنحو، حتى يقال: إنه كان في درجة أبي علي الفارسي، قال: وكانت له معرفة بالحديث، واللغة، والمنطق والفلسفة، والحساب والهندسة، وما من علمٍ من العلوم إلا كانت له فيه يدٌ حسنة.

وقال ياقوت الحموي في "معجم البلدان": رأيت قومًا من نحاة بغداد يُفضِّلُونه على أبي علي الفارسي، قال: وسمع الحديث الكثير، وتفقَّه فيه، وعرف صحيحه من سقيمه، وبحث عن أحكامه، وتبحَّر في علومه.

وقال ابن الأخضر: دخلت عليه يومًا وهو مريض وعلى صدره كتاب ينظر فيه، قلت: ما هذا؟ قال: ذكر ابن جني مسألة في النحو، واجتهد أن يستشهد عليها ببيت من الشعر فلم يحضره، وإني لأعرف على هذه المسألة سبعين بيتًا من الشعر، كل بيتٍ من قصيدة. وكان عالمًا بالتفسير، والحديث، والفرائض، والحساب، والقراءات.

وقال ابن القَطِيعي: انتهت إليه معرفة علوم جمَّةٍ أنهاها، وشرح الكثير من علومه، وكان ضنينًا بها، مع لطف مخالطة، وعدم تكبُّر، واطِّراح تكلُّف، مع تشدُّدٍ في السنّة وتظاهر بها في محافل علومه، ينتصر لمذهب أحمد، ويصرِّح ببراهينه وحججه على ذلك.

وقال مسعود بن البادر: كنت يومًا بين يدي المستضيء فقال لي: كل من نعرفه قد ذكَّرنا بنفسه ووصل إليه برُّنا، إلا ابن الخَشَّاب، فاعتذرت عنه بعذر اقتضاهُ الحال، ثم خرجت فعرفتُ ابن الخشَّاب بذلك، فكتب إليه هذين البيتين:

وردَ الورى سلسالَ جُودِك فارْتَووا … فوقفت دون الورد وقفة حائم

ظمآن أطلب خفة من زحمة … والورد لا يزداد غير تزاحم