قال ابن البادر: فعرضتهما على المستضيء، فأرسل إليه مئتي دينار، وقال: لو زادنا زدناه.
وقال ابن رجب: ويقال: إنه كان بخيلًا مقتَّرًا على نفسه، وكان يَعتمُّ العِمَّة فيبقى مُعتمًا أشهرًا حتى تتسخ أطرافها من العرق، فتسود وتتقطَّع من الوسخ، وترمي العصافير عليه زُروقها، وكان إذا رفعها عن رأسه ثم أراد لبسها تركها على رأسه كيف اتفق، فتجيء عَذَبَتُها تارةً من تلقاء وجهه، وتارةً عن يمينه، وتارةً عن شماله، ولا يغيرها، فإذا قيل له في ذلك يقول: ما استوت العِمَّة على رأس عاقلٍ قط.
وكان رحمه الله ظريفًا مزَّاحًا، ذا نوادر، فمن نوادره: أن بعض أصحابه سأله يومًا فقال: القفا يُمدُّ أو يُقصر فقال: يمدُّ ثم يقصر.
ولابن الخشَّاب شعر كثيرٌ حسن.
قال ابن الجوزي: مرض ابن الخَشَّاب نحوًا من عشرين يومًا، فدخلت عليه قبل موته بيومين وقد يئس من نفسه، فقال لي: عند الله أحتسب نفسي، وتوفي يوم الجمعة ثالث رمضان سنة سبع وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة الإِمام أحمد، قريبًا من بشر الحافي رضي الله عنه. انتهى.
وذكره ابن رجب (١) وقال: سئل عنه الشيخ موفق الدين المقدسي فقال: كان إمامًا في عصره، في علم العربية والنحو واللغة، وكان علماء عصره يستفتونه فيها ويسألونه عن مشكلاتها، وحضرت كثيرًا من مجالسه للقراءة عليه، ولكن لم أتمكَّن من الإِكثار عليه لكثرة الزَّحام عليه، وكان حسنَ الكلام في السنّة وشرحها، وكان ابن الخشَّاب يكتب خطًا حسنًا، ويضبط ضبطًا متقنًا، فكتب كذلك كثيرًا من الأدب والحديث وسائر الفنون، وحصل من الكتب والأصول وغيرها ما لا يدخلُ تحت الحَصْر، ومن خطوط الفضلاء وأجزاء الحديث شيئًا كثيرًا.
وذكر ابن النجَّار: أنه لم يمت أحد من أهل العلم وأصحاب الحديث إلا وكان