للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِدْق اسم الطَّاهر على من ليس بمحدث حدثاً أكبر أو أصغر؛ فقد عَرَفْتَ أنَّ الراجح كون المشترك مجملاً في معانيه، فلا يعيَّن حتى يبيَّن، وقد دلَّ الدليل ها هنا أنَّ المراد به غيره لحديث: "المؤمن لا ينجس"، ولو سَلِم عدم وجود دليل يمنع من إِرادته؛ لكان تعيينه لمحلِّ النِّزاع ترجيحاً بلا مرجِّح، وتعيينه لجميعها استعمالاً للمشترك في جميع معانيه، وفيه الخلاف، ولو سَلِم رجحان القول بجواز الاستعمال للمشترك في جميع معانيه؛ لما صحَّ؛ لوجود المانع، وهو حديث: "المؤمن لا ينجس".

واستدلُّوا بحديث الباب (١)، وأُجيب بأنَّه غير صالح للاحتجاج؛ لأنَّه من صحيفة غير مسموعة، وفي رجال إِسناده خلاف شديد، ولو سَلِم صلاحيته للاحتجاج لعاد البحث السابق في لفظ طاهر، وقد عرفْتَه.

قال السيد العلامة محمد بن إِبراهيم الوزير: إِنَّ إِطلاق اسم النجس على المؤمن الذي ليس بطاهر من الجنابة أو الحيض أو الحدث الأصغر؛ لا يصحُّ لا حقيقةً ولا مجازاً ولا لغةً، صرَّح بذلك في جواب سؤال، وردَّ عليه، فإِن ثبت هذا؛ فالمؤمن طاهر دائماً؛ فلا يتناوله الحديث، سواء كان جُنُباً أو حائضاً أو محدثاً أو على بدنه نجاسة.

فإِن قلت: إِذا تمَّ ما تريد من حمْل الطاهر على من ليس بمشرك؛ فما جوابك فيما ثبت في المتَّفق عليه من حديث ابن عباس أنَّه - صلى الله عليه وآله وسلَّم - كتب الى هرقل عظيم الروم: أسلِم تسلم، وأسلِم يؤتك الله


(١) أي: حديث: "لا يمس القرآن إلاَّ طاهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>