أجرك مرَّتين، فإِنْ تولَّيت فإِنَّ عليك إِثم الأريسيين، و {يا أَهْلَ الكتابِ تعالوْا إِلى كَلِمَةٍ} إِلى قوله: {مُسْلِمونَ}، مع كونهم جامعين بين نجاستي الشرك والاجتناب، ووقوع اللمس منهم له معلوم.
قلت: اجعله خاصّاً بمثل الآية والآيتين؛ فإِنَّه يجوز تمكين المشرك من مسِّ المقدار لمصلحة؛ كدعائه إِلى الإِسلام، ويمكن أن يُجاب عن ذلك بأنَّه قد صدر باختلاطه بغيره لا يحرم لمسه؛ ككُتُب التفسير؛ فلا تخصَّص به الآية والحديث.
إِذا تقرَّر لك هذا؛ عرفتَ انتهاض الدَّليل على منع من عدا المشرك.
وقد عرفت الخلاف في الجُنُب.
وأما المحدث حدثاً أصغر؛ فذهب ابن عباس والشعبي والضَّحَّاك؛ وزيد ابن علي والمؤيَّد بالله والهادوية وقاضي القضاة وداود إِلى أنَّه يجوز له مسُّ المصحف، وقال القاسم وأكثر الفقهاء والإِمام يحيى: لا يجوز، واستدلُّوا بما سَلَف، وقد سَلَف ما فيه" اهـ.
وأمَّا القراءة له بدون مسٍّ؛ فهي جائزة اتِّفاقاً، وقد ذَكر ابن أبي شيبة -رحمه الله- في "مصنّفه" آثاراً كثيرة في ذلك (١).
قال ابن حزم -رحمه الله- في "المحلَّى" (١/ ١٠٧): "وأمَّا مسُّ المصحف؛ فإِنَّ الآثار التي احتج بها من لم يُجزْ للجنب مسَّه، فإِنَّه لا يصحُّ
(١) انظر (١/ ٩٨) (في الرجل الذى يقرأ القرآن وهو غير طاهر) وكذا عبد الرزاق في "مصنفه" (١/ ٣٤٠).