قلت [أي: شيخنا -رحمه الله-]: "لو كان هذا صحيحاً؛ لكان إِيجاب الكفّارة في الاستمناء أولى من إِيجابها على الإِيلاج بدون إِنزال، وهم لا يقولون أيضاً بذلك، فتأمّل تناقض القياسين!
أضِف إِلى ذلك مخالفتهم لبعض الآثار الثابتة عن السلف في أنّ المباشرة بغير جماع لا تفطّر ولو أنزل، وقد ذكرْتُ بعضها في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" تحت الأحاديث (٢١٩ - ٢٢١)(١)، ومنها قول عائشة -رضي الله عنها- لمن سألها: ما يحلّ للرجل من امرأته صائماً؟ قالت: "كلّ شيء إِلا الجماع".
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٤/ ١٩٠/٨٤٣٩) بسند صحيح، كما قال الحافظ في "الفتح"، واحتج به ابن حزم. وراجع سائرها هناك.
وترجم ابن خزيمة -رحمه الله- لبعض الأحاديث المشار إِليها بقوله في "صحيحه" (٣/ ٢٤٢): "باب الرخصة في المباشرة التي هي دون الجماع للصائم، والدليل على أنّ اسم الواحد قد يقع على فعلين: أحدهما مباح، والآخر محظور، إِذ اسم المباشرة قد أوقعه الله في نصّ كتابه على الجماع، ودلّ الكتاب على أنّ الجماع في الصوم محظور، قال المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنّ الجماع يفطّر الصائم، والنّبيّ المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد دلّ بفعله على أنّ المباشرة التي هي دون الجماع مباحة في الصوم، غير مكروهة".
وإنّ ممّا ينبغي التنبيه عليه هنا أمرين:
(١) وذكرْت ما قاله -رحمه الله- فيها تحت (القبلة والمباشرة ... من كتابنا هذا).