للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أنّ كون الإِنزال بغير جماع لا يفطّر؛ شيء، ومباشرة الصائم، شيء آخر، ذلك أنّنا لا ننصح الصائم وبخاصّة إِذا كان قوي الشهوة؛ أنْ يباشر وهو صائم، خشية أن يقع في المحظور؛ الجماع، وهذا سداً للذريعة المستفادة من عديد من أدلّة الشريعة، منها قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ومَن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه".

وكأنّ السيدة عائشة -رضي الله عنها- أشارت إِلى ذلك بقولها حين روت مباشرة النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو صائم: "وأيّكم يملك إِربه؟ ".

والأمر الآخر: أنّ المؤلف لمّا ذكر الاستمناء باليد، فلا يجوز لأحد أن ينسب إِليه أنّه مباح عنده، لأنّه إِنّما ذكَره لبيان أنَّه مبطل للصوم عنده.

وأما حكم الاستمناء نفسه، فلبيانه مجال آخر، وهو قد فصّل القول فيه، في "كتاب النكاح"، وحكى أقوال العلماء، واختلافهم فيه ...

وأمّا نحن؛ فنرى أنّ الحق مع الّذين حرَّموه، مستدلين بقوله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إِلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أَيْمانهم فإِنّهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} (١).

ولا نقول بجوازه لمن خاف الوقوع في الزنا، إِلا إِذا استعمل الطبَّ النبوي، وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للشباب في الحديث المعروف الآمر لهم بالزواج:

"فمن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإِنّه له وجاء".

ولذلك فإِننا نُنكر أشد الإِنكار على الذين يُفتون الشباب بجوازه؛ خشية الزنا، دون أن يأمرهم بهذا الطبّ النّبويّ الكريم". انتهى.


(١) المؤمنون: ٥ - ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>