وأمّا استدلال المؤلف على عدم الوجوب بقوله:"فقد صحّ عن عائشة أنّها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان. (رواه أحمد ومسلم)، ولم تكن تقضيه فوراً عند قدرتها على القضاء".
فليس بصواب؛ لأنّه ليس في حديث عائشة أنّها كانت تقدر أن تقضيه فوراً، بل فيه عكس ذلك، فإِنّ لفظ الحديث عند مسلم (٣/ ١٥٤ - ١٥٥): "كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إِلا في شعبان، الشغل من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -".
وهكذا أخرجه البخاري أيضاً في "صحيحه" -خلافاً لما أوهمه تخريج المصنف- وفي رواية لمسلم عنها قالت:"إِنْ كانت إِحدانا لتفطر في زمان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فما تقدر على أنْ تقضيه مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى يأتي شعبان".
فالحديث بروايتيه صريح؛ في أنّها كانت لا تستطيع، ولا تقدر على القضاء قبل شعبان، وفيه إِشعار بأنَّها لو استطاعت لَمَا أخّرته، فهو حجّة على المؤلف ومَن سبَقه.
ولذلك قال الزين بن المنيِّر -رحمه الله-: "وظاهر صنيع عائشة يقتضي إِيثار المبادرة إِلى القضاء، لولا ما منعها من الشغل، فيشعر بأنّ مَنْ كان بغير عذر، لا ينبغي له التأخير"(١).
واعلم أنّ ابن القيم والحافظ وغيرهما قد بيّنا أنّ قوله في الحديث: