"الشُّغل من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -"؛ مدرج في الحديث، ليس من كلام عائشة، بل من كلام أحد رواته، وهو يحيى بن سعيد، ومن الدليل على ذلك قول يحيى في روايةٍ لمسلم:"فظننت أنّ ذلك لمكانها من النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -".
ولكن هذا لا يخدج فيما ذكَرنا؛ لأنّنا لم نستدل عليه بهذا المدرج، بل بقولها:"فما أستطيع .. "، والمدرج؛ إِنّما هو بيان لسبب عدم الاستطاعة، وهذا لا يهمنا في الموضوع.
ولا أدري كيف خفي هذا على الحافظ حيث قال في خاتمة شرح الحديث:"وفي الحديث دلالة على جواز تأخير قضاء رمضان مطلقاً، سواء كان لعذر أو لغير عذر؛ لأن الزيادة كما بيّناه مدرجة ... فخفي عليه أنّ عدم استطاعتها هو العذر فتأمّل".
وجاء فيه (ص٤٢٤): "وجملة القول؛ أنّه لا يصحّ في هذا الباب شيء لا سلباً ولا إِيجاباً، والأمر القرآني بالمسارعة يقتضي وجوب المتابعة إلاَّ لعذر، وهو مذهب ابن حزم أيضاً (٦/ ٢٦١)، قال: "فإِنْ لم يفعل فيقضيها متفرِّقة، وتجزيه لقول الله تعالى:{فعدّةٌ من أيّام أُخر}، ولم يحدد تعالى في ذلك وقتاً يبطل القضاء بخروجه، وهو قول أبي حنيفة". انتهى.
والخلاصة التي بدت لي: وجوب الصوم على الفور إِلا من عُذر، مع التتابع.
وجواز تفريقه من عُذرٍ أو ابتغاء استراحة؛ تدفع عنه مشقة التتابع، إِذ القول بجواز عدم الصيام على الفور وعدم التتابع، قد يفضي إِلى تأخير القضاء