الميِّت صوم النَّذر، إلاَّ أنّ الحديث الأوّل (١) يدلُّ بإِطلاقه على شيء زائدٍ على ذلك، وهو أنّه يصوم عنه صوم الفرض أيضاً، وقد قال به الشافعيَّة، وهو مذهب ابن حزم (٧/ ٢، ٨) وغيرهم.
وذهب إِلى الأوّل الحنابلة، بل هو نصُّ الإِمام أحمد، فقال أبو داود في "المسائل"(٩٦): "سمعت أحمد بن حنبل قال: لا يُصامُ عن الميِّت إلاَّ في النَّذر".
وحمَل أتباعه الحديث الأوَّل على صوم النَّذر، بدليل ما روت عَمْرة: أن أمّها ماتت وعليها من رمضان فقالت لعائشة: أقضيه عنها؟ قالت: لا بل تصدَّقي عنها مكان كل يوم نصف صاعٍ على كل مسكين. أخرجه الطحاوي (٣/ ١٤٢) وابن حزم (٧/ ٤) واللفظ له بإِسنادٍ؛ قال ابن التركماني: صحيح.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:"إِذا مرض الرجل في رمضان، ثمّ مات ولم يصم؛ أطعم عنه ولم يكن عليه قضاء، وإن كان عليه نَذْر قضى عنه وليُّه".
أخرجه أبو داود بسند صحيح على شرط الشيخين، وله طريق آخر بنحوه عند ابن حزم (٧/ ٧) وصحح إِسناده.
قلت:[أي: شيخنا -رحمه الله-] وهذا التفصيل الذي ذَهَبتْ إِليه أمّ المؤمنين، وحَبْر الأمّة ابن عبّاس -رضي الله عنهما- وتابعهما إِمام السنَّة أحمد بن حنبل، هو الذي تطمئنُّ إِليه النَّفس، وينشرح له الصدر، وهو أعدل
(١) يشير بذلك -رحمه الله- إِلى حديث عائشة -رضي الله عنها- المتقدّم.