وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية في "الاختيارات"(ص ٥٢): "ومن امتنع من الصلاة على أحدهم (يعني: القاتل والغالَّ والمدين الذي ليس له وفاء) زجراً لأمثاله عن مثل فعله؛ كان حسناً، ولو امتنع في الظاهر، ودعا له في الباطن، ليجمع بين المصلحتين؛ كان أولى من تفويت إِحداهما".
قال النووي -رحمه الله- بعد الحديث السابق:"أُتي النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يُصَلِّ عليه": وفي هذا الحديث دليل لمن يقول: لا يصلّى على قاتل نفسه لعصيانه، وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي.
وقال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء: يُصلّى عليه، وأجابوا عن هذا الحديث بأنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لم يصل عليه بنفسه؛ زجراً للناس عن مثل فعله، وصلت عليه الصحابة، وهذا كما ترك النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلاة في أول الأمر على من عليه دين؛ زجراً لهم عن التساهل في الاستدانة، وعن إِهمال وفائه؛ وأمر أصحابه بالصلاة عليه، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صلّوا على صاحبكم".
قال القاضي: مذهب العلماء كافةً: الصلاةُ على كل مسلم ومحدود ومرجوم وقاتل نفسه وولد الزنى.
وعن مالك وغيره: أن الإِمام يجتنب الصلاة على مقتول في حد، وأن أهل الفضل لا يُصلّون على الفساق زجراً لهم ... " انتهى.
وجاء في "الأوسط" (٥/ ٤٠٨) -بعد إِيراد عدد من النّصوص والآثار-: "سنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلاة على المسلمين ولم يستثن منهم أحداً، وقد دخَل في جُملهم الأخيار والأشرار، ومن قُتل في حد، ولا نعلم خبراً أوجب استثناء