قال: فيصعدون بها؛ فلا يمرّون -يعني- بها على ملإٍ من الملائكة إلاَّ قالوا: ما هذا الروح الطيّب؟! فيقولون: فلان بن فلان -بأحسن أسمائه التي كانوا يُسمُّونه بها في الدنيا- حتى ينتهوا بها إِلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيشيّعه من كلّ سماء مُقرّبوها إِلى السماء التي تليها، حتى يَنتهيَ به إِلى السماء السابعة، فيقول الله -عزّ وجلّ-: اكتبوا كتاب عبدي في علّيّين، {وما أدراك ما عِلِّيُّون كتاب مرقوم * يشهده المُقرّبون}، فيكتب كتابه في عِلِّيِّين، ثمّ يقال]: أعيدوه إِلى الأرض؛ فإِنّي [وعدتهم أنّي] منها خلقتهم وفيها أُعيدهم ومنها أُخرجهم تارةً أخرى.
قال: فـ[يُردّ إِلى الأرض، و] تُعاد روحه في جسده، [قال: فإِنّه يسمع خفق نعال أصحابه إِذا ولّوا عنه][مدبرين].
فيأتيه ملكان [شديدا الانتهار]، فـ[ينتهرانه و] يُجلسانه، فيقولان له: من ربّك؟ فيقول: ربي الله. فيقولان له: ما دينك؛ فيقول: ديني الإِسلام. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فيقولان له: ما عَمَلُك؟ فيقول: قرأت كتاب الله، فآمنت به وصدّقت، فينتهره فيقول: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيُّك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن.
فذلك حين يقول الله -عزّ وجلّ-: {يُثَبِّتُ الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا}، فيقول: ربي الله، وديني الإِسلام، ونبيّ محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فينادي منادٍ في السماء: أنْ صدق عبدي، فأفرِشوه من الجنة، وألبِسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إِلى الجنّة، قال: فيأتيه من رَوْحِها وطِيبها، ويفسح له في قبره مدّ بصره.