للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامَّتهم من مُضَرَ -بل كلّهم من مضر- فتمعّر (١) وجه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثمّ خرج؛ فأمر بلالاً؛ فأذّن وأقام فصلّى؛ ثمّ خطب فقال: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ... } إِلى آخر الآية: {إِنّ الله كان عليكم رقيباً}، والآية التي في الحشر: {اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدّمت لغدٍ واتقوا الله}؛ تصدّق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بُرِّهِ، من صاع تمره (حتى قال)، ولو بشقِّ تمرة.

قال: فجاء رجل من الأنصار بصُرّة كادت كفّه تَعْجِزُ عنها، بل قد عَجَزت.

قال: ثمّ تتابع الناس، حتى رأيت كومين عن طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتهلَّل (٢)؛ كأنّه مُذْهَبَة (٣)، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: من سنّ في الإِسلام سُنّة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل بها بعده؛ من غير أن ينقص من أُجورهم شيء.

ومن سنّ في الإِسلام سنّة سيئةً؛ كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده؛ من غير أن ينقُص من أوزارهم شيء" (٤).


(١) تمعّر؛ أي: تغيّر.
(٢) يتهلّل؛ أي: يستنير فرحاً وسروراً.
(٣) مُذَهَبَة: من الشيء المذهب، وهو المُمَوَّه بالذهب، أو مِن قولهم: فرس مُذهَب: إِذا عَلَت حُمرتَه صَفرةٌ. "النهاية".
(٤) أخرجه مسلم: ١٠١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>