الرابع: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تجعلوا بُيوتكم مقابر؛ إِنّ الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة"(١).
قال شيخنا -رحمه الله- (ص ٢٧١): "وقد ترجم البخاري للحديث الثالث بقوله: "باب كراهية الصلاة في المقابر".
وقال شيخنا -رحمه الله- (ص ٢٧٤): " [و] كراهة الصلاة في المقبرة تشمل كلّ مكان منها؛ سواءً كان القبر أمام المُصلّي، أو خلفه، أو عن يمينه، أو عن يساره؛ لأنّ النهي مُطلق، ومن المقرّر في علم الأصول أن المطلق يجري على إِطلاقه حتى يأتي ما يُقيّده، ولم يَرِد هنا شيء من ذلك.
وقد صرح بما ذكرنا بعض فقهاء الحنفية وغيرهم كما يأتي، فقال شيخ الإِسلام ابن تيمية في "الاختيارات العلمية"(ص ٢٥): "ولا تصحُّ الصلاة في المقبرة ولا إِليها، والنهي عن ذلك إِنما هو سدّ لذريعة الشّرك، وذكر طائفة من أصحابنا أنّ القبر والقبرين لا يمنع من الصلاة؛ لأنّه لا يتناوله اسم المقبرة، وإنما المقبرة ثلاثة قبور فصاعداً!
وليس في كلام أحمد وعامّة أصحابه هذا الفرق؛ بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور، وهو الصواب، والمقبرة كلّ ما قُبر فيه، لا أنّه جمع قبر.
وقال أصحابنا: وكلُّ ما دخل في اسم المقبرة ممّا حول القبور لا يُصلّى فيه، فهذا يعيَّن أنّ المنع يكون مُتناولاً لحرمة القبر المنفرد وفِنائه المضاف إِليه.
وذكر الآمديّ وغيره: أنه لا تجوز الصلاة فيه -أي: المسجد الذي قبلته إِلى