للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقصود.

الثالث: أن في رواية في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: " .. فدخل عليّ وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول الله! أدخله الله النار! قال: أوما شعرت أني أمرت الناس بأمر؛ فإِذا هم يترددون؟! ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سقت الهدي معي حتى أشتريه، ثمّ أحل كما حلوا". رواه مسلم والبيهقي وأحمد (٦/ ١٧٥).

ففي غضبه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دليل واضح على أن أمره كان للوجوب، لا سيّما وأن غضبه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنما كان لترددهم، لا من أجل امتناعهم من تنفيذ الأمر، وحاشاهم من ذلك، ولذلك حلوا جميعاً؛ إِلا من كان معه هدي كما يأتي في الفقرة (٤٤) (١).

الرابع: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سألوه عن الفسخ الذي أمرهم به: ألعامنا هذا أم لأبد الأبد؟ فشبَّك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصابعه واحدة في أخرى وقال: "دخَلَت العمرة في الحجّ إِلى يوم القيامة، لا بل لأبد أبد، لا بل لأبد أبد".

فهذا نص صريح على أن العمرة أصبحت جزءاً من الحج لا يتجزأ، وأن هذا الحكم ليس خاصّاً بالصحابة كما يظنّ البعض، بل هو مستمر إِلى الأبد.

[الخامس]: أن الأمر لو لم يكن للوجوب؛ لكفى أن ينفذه بعض الصحابة، فكيف وقد رأينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يكتفي بأمر الناس بالفسخ أمراً عامّاً، فهو تارة يأمر بذلك ابنته فاطمة -رضي الله عنه- كما يأتي (فقرة ٤٨) (٢)، وتارة


(١) انظر (ص ٦٥) منه بعنوان "خطبته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتأكيد الفسخ وإطاعة الصحابة له".
(٢) انظر (ص ٦٧) منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>