العمرة المنفردة التي حصل لغيرها التحلل منها بمكة، ثمّ أنشأوا الحج مفرداً. إِذا عرفْتَ هذا؛ ظهر لك جليّاً أنّ هذه العمرة خاصة بالحائض التي لم تتمكن من إِتمام عمرة الحج، فلا تشرع لغيرها من النساء الطاهرات، فضلاً عن الرجال.
ومن هنا يظهر السرّ في إِعراض السلف عنها، وتصريح بعضهم بكراهتها، بل إِنّ عائشة نفسها لم يصحّ عنها العمل بها، فقد كانت إِذا حجّت تمكث إِلى أن يهلّ المحرم ثمّ تخرج إِلى الجُحْفَةِ فتحرم منها بعمرة، كما في "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (٢٦/ ٩٢).
وقد أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(٤/ ٣٤٤) بمعناه عن سعيد بن المسيب: أنّ عائشة -رضي الله عنها- كانت تعتمر في آخر ذي الحجة من الجحفة.
وإسناده صحيح.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية في "الاختيارات العلمية"(ص ١١٩): "يكره الخروج من مكة لعمرة تطوّع، وذلك بدعة لم يفعله النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا أصحابه على عهده، لا في رمضان ولا في غيره، ولم يأمر عائشة بها، بل أذن لها بعد المراجعة؛ تطييباً لقلبها، وطوافه بالبيت أفضل من الخروج اتفاقاً، ويخرج عند من لم يكرهه على سبيل الجواز".
وهذا خلاصة ما جاء في بعض أجوبته المذكورة في "مجموع الفتاوى"(٢٦/ ٢٥٢ - ٢٦٣)، ثمّ قال (٢٦/ ٢٦٤): "ولهذا كان السلف والأئمة ينهون عن ذلك، فروى وسعيد بن منصور في "سننه" عن طاوس -أجلّ