أصحاب ابن عباس- قال:"الذين يعتمرون من التنعيم؛ ما أدري أيؤجزون عليها أم يعذبون؟!
قيل: فلِمَ يعذبون؟! قال: لأنّه يَدَع الطواف بالبيت، ويخرج إِلى أربع أميال ويجيء، وإلى أن يجيء من أربعة أميال [يكون] قد طاف مائتي طواف، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء". وأقرّه الإِمام أحمد. وقال عطاء بن السائب:"اعتمرنا بعد بالحج، فعاب ذلك علينا سعيد ابن جبير". وقد أجازها آخرون، لكن لم يفعلوها ... ".
وقال ابن القيم -رحمه الله- في "زاد المعاد" (١/ ٢٤٣): "ولم يكن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عُمره عمره واحدة خارجاً من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم، وإنما كانت عُمَره كلها داخلاً إِلى مكة، وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة، لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجاً من مكة في تلك المدة أصلاً، فالعمرة التي فعَلها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشرعها فهي عمرة الداخل إِلى مكة، لا عمرة من كان بها فيخرج إِلى الحل ليعتمر.
ولم يفعل هذا على عهده أحد قط إِلا عائشة وحدها من بين سائر من كان معه؛ لأنّها كانت قد أهلّت بالعمرة فحاضت، فأمرها فأدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة، وأخبرها أنّ طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة وقع عن حجّتها وعمرتها، فوجدت في نفسها أن ترجع صواحباتها بحجّ وعمرة مستقلين -فإِنهن كنّ متمتعات ولم يحضْنَ ولم يَقْرِنّ- وترجع هي بعمرة في ضمن حجتها، فأمر أخاها أن يُعْمِرَها من التنعيم تطييباً لقلبها، ولم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحجة ولا أحد ممن كان معه".