للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستدلّ الأحناف والشافعية وكثير من أهل العلم بما يأتي:

أ- إِن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "المسلمون على شروطهم؛ إِلا شرطاً حرّم حلالاً، أو أحل حراماً" (١).

ب- قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما كان من شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل، وإنْ كان مائةَ شرط" (٢).

ولا بُد من بيان بعض الأمور دفْعاً للالتباس، فأقول -وبالله التوفيق-:

المراد بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ليس كتاب الله"؛ أي: ليس فيه جوازُه أو وجوبه، فالمراد في الحديث: الشروط الجائزة؛ لا المنهيّ عنها، كما بيّن ذلك العلماء.

وقال القرطبي -رحمه الله-: "قوله: "ليس في كتاب الله أي: ليس مشروعاً فيه تأصيلاً ولا تفصيلاً، فإِنّ من الأحكام ما لا يوجد تفصيله في الكتاب -كالوضوء-، ومنها ما يوجد تأصيله دون تفصيله -كالصلاة-، ومنها ما أُصّل أصْله -كدلالة الكتاب على أصلية السنّة والإِجماع والقياس-" (٣).

ويجب أن نعلم أن الشرط الذي يحل الحرام أو يحرّم الحلال ليس في كتاب الله -تعالى- وليس المراد من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ليس في كتاب الله" أنّ كتاب الله -تعالى- قد نطَق به لفظاً ونصّاً؛ فإِن كثيراً من الشروط على هذا النحو غير منطوقٍ بها، ومع ذلك فهي مشروعة؛ لأنها لا تخالف الكتاب ولا السُّنهّ.


(١) أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي" (١٠٨٩) وغيره، والجملة الأولى رواها البخاري معلّقة بصيغة الجزم، وانظر "الفتح" (٤/ ٤٥١) و"الإرواء" (٥/ ١٤٤).
(٢) أخرجه البخاري: ٢٧٢٩، ومسلم: ١٥٠٤.
(٣) انظر "فيض القدير" (٥/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>