للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك: لو قالت الثيب لوليها: زوِّجني بمن رأيت، فزوَّجها من نفسه أو ممن اختار؛ لَزِمها ذلك، ولو لم تعلم عين الزوج. وقال الشافعي: يزوجهما السلطان، أو ولي آخر مثله، أو أقعد منه. ووافقه زفر وداود. وحُجّتهم أنّ الولاية شرط في العقد، فلا يكون الناكح مُنكحاً كما لا يبيع من نفسه". انتهى.

وقال ابن حزم -رحمه الله-: "وأمّا قولهم: إِنه لا يجوز أن يكون الناكح هو المُنْكِح! ففي هذا نازعناهم، بل جائز أن يكون الناكح هو المُنْكِح، فدعوى كدعوى.

وأمّا قولهم: كما لا يجوز أن يبيع من نفسه! فهي جملة لا تصحّ كما ذكروا، بل جائز إِن وُكِّل ببيع شيء أن يبتاعه لنفسه، إن لم يُحابها بشيء". ثمّ ساق البرهان على صحة ما رجّحه (١)، من أن البخاري روى عن أنس: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعتق صفية، وتزوجها، وجعل عتقها صداقها، وأولم عليها بِحيس (٢).

قال: "فهذا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زوَّج مولاته من نفسه، وهو الحُجّة على من سواه". ثمّ قال: "قال الله -تعالى-: {وأنْكحُوا الأيَامَىَ منكم والصَّالحين من

عِبَادِكُم وإِمَائِكُم إِن يَكُونوا فُقَرَاء يُغْنهم الله من فضله والله واسعٌ عليم} (٣).

فمن أنكح أيّمة من نفسه برضاها، فقد فعل ما أمره الله -تعالى- به، ولم يمنع


(١) هذا كلام السيد سابق -رحمه الله- في "فقه السنة" (٢/ ٤٥٧).
(٢) أخرجه البخاري: ٥١٦٩، ومسلم: ١٣٦٥.
و (الحَيْسُ): "هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسّمْن. وقد يجعل عوض الأقط: الدقيق أو الفتيت". "النهاية".
(٣) النور: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>