للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في "الفتاوى" (٣٢/ ٢٦١): "وسئل -رحمه الله- عن امرأة تزوّجت، وخرجت عن حكم والديها؛ فأيهما أفضل: بِرُّها لوالديها، أو مطاوعة زوجها؟

فأجاب: الحمد لله رب العالمين. المرأة إِذا تزوّجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب، قال الله -تعالى-: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} ... ". ثمّ ذكَر -رحمه الله- عدداً من الأحاديث في وجوب طاعة المرأة زوجها.

ثمّ قال -رحمه الله-: "والأحاديث في ذلك كثيرة عن النَبيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال زيد ابن ثابت: الزوج سيِّد في كتاب الله، وقرأ قوله -تعالى-: {وألفيا سيدها لدى الباب}. وقال عمر بن الخطاب: النكاح رقّ فلينظر أحدكم عند من يُرِقُّ كريمته (١). وفي "الترمذي" وغيره عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "استوصوا بالنساء خيراً، فإِنّما هنّ عندكم عوانٍ" (٢). فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير، فليس لها أن تخرج من منزله إِلا بإِذنه؛ سواءٌ أمَرها أبوها أو أمها، أو غير أبويها باتفاق الأئمة.

وإِذا أراد الرجل أن ينتقل بها إِلى مكان آخر -مع قيامه بما يجب عليه وحِفْظِ حدود الله فيها- ونهاها أبوها عن طاعته في ذلك؛ فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها؛ فإِن الأبوين هما ظالمان؛ ليس لهما أنْ يَنْهَيَاهَا عن طاعة مثل هذا


(١) قال العلامة العراقي -رحمه الله- في تخريج "الإحياء" (٢/ ٤٧): "رواه أبو عمر التوقاني في "معاشرة الأهلين" موقوفاً على عائشة وأسماء ابنتي أبي بكر -رضي الله عنهم- قال البيهقي: ورُوي ذلك مرفوعاً؛ والموقوف أصحّ".
(٢) أخرجه ابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (١٥٠١)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي" (٩٢٩) وغيرهما، وحسنه شيخنا -رحمه الله- في "الإرواء" (٢٠٣٠).
ومعنى (عوانٍ)؛ أي: أسيرات، جمع (عَانِيَة).

<<  <  ج: ص:  >  >>