للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزّوج، وليس لها أن تطيع أمّها فيما تأمرها به من الاختلاع منه، أو مضاجرته حتى يطلقها؛ مثل أن تطالبه من النفقة والكسوة والصَّداق بما تطلبه ليطلقها، فلا يحل لها أن تطيع واحداً من أبويها في طلاقه إِذا كان متقياً لله. ففي "السنن الأربعة" و"صحيح أبي حاتم" عن ثوبان قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس؛ فحرام عليها رائحة الجنّة" (١). وفي حديث آخر: "المختلعات والمنتزعات هنّ المنافقات" (٢). وأمّا إِذا أمرها أبواها أو أحدهما بما فيه طاعة الله: مثل المحافظة على الصلوات؛ وصدق الحديث، وأداء الأمانة، ونهوها عن تبذير مالها وإضاعته، ونحو ذلك مما أمر الله ورسوله أو نهاها الله ورسوله عنه: فعليها أن تطيعهما في ذلك، ولو كان الأمر من غير أبويها، فكيف إِذا كان من أبويها؟!

وإذا نهاها الزوج عما أمر الله، أو أمرها بما نهى الله عنه، لم يكن لها أن تطيعه في ذلك، فإِن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إِنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" (٣). بل المالك لو أمر مملوكه بما فيه معصية لله؛ لم يجز له أن يطيعه في معصية، فكيف يجوز أن تطيع المرأة زوجها أو أحد أبويها في معصية؟! فإن الخير كلّه في طاعة الله ورسوله، والشر كلّه في معصية الله ورسوله".


(١) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (١٩٤٧)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (١٦٧٢) واللفظ له، والترمذي "صحيح سنن الترمذي" (٩٤٨) وغيرهم، وصححه شيخنا -رحمه الله- في "الإِرواء" (٢٠٣٥).
(٢) أخرجه أحمد والنسائي "صحيح سنن النسائي" (٣٢٣٨)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي" (٩٤٧) وغيرهم، وانظر "الصحيحة" (٦٣٢).
(٣) أخرجه أحمد والطبراني وغيرهما، وانظر "الصحيحة" (١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>