للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درجة، ولهذا لم يُزِل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شكوى ابنته فاطمة [رضي الله عنها] حينما: "أتت النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تشكو إِليه ما تلقى في يدها من الرَّحَى، وبَلَغَها أنه جاءه رقيق، فلم تصادفه، فذكَرت ذلك لعائشة، فلما جاء، أخبرته عائشة، قال علي -رضي الله عنه-: فجاءنا وقد أخذْنا مضاجعنا، فذهبْنا نقوم، فقال: على مكانكما! فجاء، فقعد بيني وبينها، حتى وجدت بَرْدَ قدميه على بطني، فقال: ألا أدلكما على خير ممّا سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما -أو أويتما إِلى فراشكما- فسبِّحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبّرا أربعاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم. قال علي: فما تركْتها منذ سمعته من النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قيل له: ولا ليلة صِفّين؟ قال: ولا ليلة صفّين" (١).

فأنت ترى أنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يقل لعليّ: لا خِدمة عليها، وإنما هي عليك، وهو - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يحابي في الحُكم أحداً كما قال ابن القيّم -رضي الله عنه-. ومن شاء زيادة البحث في هذه المسألة فليرجع إِلى كتابه القيم "زاد المعاد" (٤/ ٤٥ - ٤٦).

هذا وليس فيما سَبق من وجوب خِدمة المرأة لزوجها ما ينافي استحباب مشاركة الرجل لها في ذلك، إِذا وجد الفراغ والوقت، بل هذا من حُسْنِ المعاشرة بين الزوجين، ولذلك قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: "كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكون في مهنة أهله -تعني خِدمة أهله-، فإِذا حضرت الصلاة خرج إِلى الصلاة" (٢). انتهى كلام شيخنا -رحمه الله-.

وذكر بعض العلماء في وجوب خدمة المرأة زوجها لقوله -سبحانه-:


(١) أخرجه البخاري: ٥٣٦١، ومسلم: ٢٧٢٧ واللفظ له.
(٢) أخرجه البخاري: ٦٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>