للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ -رحمه الله-: "وقد يُؤخذ منه ثبوت حقّها في الوطءِ لقوله: "ولأهلك عليك حقّاً" ثمّ قال: "وائت أهلك"؛ وقرّرهُ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك". انتهى.

قلت: وقول ابن حزم -رحمه الله-: " {فإذا تَطَهَّرْنَ فَأتُوهُنّ من حَيْثُ أَمَرَكُم الله} "؛ جاء بعد حظر، فمن العلماء من يقول: إِنه للإِباحة *والتحقيق أن يقال: صيغة: (افْعَلْ) بعد الحَظر لرفع ذلك الحظر، وإعادة حال الفعل إِلى ما كان قبل الحَظر؛ فإِنْ كان مباحاً كان مباحاً، وإنْ كان واجباً أو مستحباً كان كذلك، وعلى هذا يخرج قوله: {فإِذا انْسَلَخَ الأشهر الحُرُم فاقْتلوا المشركين} (١)؛ فإِنّ الصيغة رفَعت الحظر، وأعادته إِلى ما كان أوّلاً، وقد كان واجباً* (٢).

وبذا عُدْنا إِلى الحوار في أصْل الحُكم.

والذي يبدو أنّ هذا يَتْبَعُ حال الرجل والمرأة، فإِذا احتاجا إِليه؛ وجب؛ لتحقيق الإِحصان وغضّ البصر والإِعفاف، فقد جاء الحثّ على الزّواج من أجل ذلك، كما في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يا معشر الشباب! من استطاع الباءة فليتزوج، فإِنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإِنه له وجاء" (٣).

والأثر الذي ذكَره الإِمام ابن حزم -رحمه الله- فيه أنّ المرأة اشتكَت، وكذا في توجيه سلمان أبا الدرداء -رضي الله عنهما-، فقد أجابت أمّ الدرداء سلمان -رضي الله عنهما- حين سألها: ما شأنك؟ فقالت: أخوك أبو الدرداء ليس له


(١) التوبة: ٥.
(٢) ما بين نجمتين من كتاب "المسوّدة" (ص ١٨).
(٣) أخرجه البخاري: ٥٠٦٦، ومسلم: ١٤٠٠، وتقدّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>