للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجةٌ في الدنيا.

فالوجوب الذي أشار إِليه ابن حزم -رحمه الله- كان مبعثُهُ الحاجةَ أو الشكوى، فماذا إِذا لم تكن ثمّة حاجة أو شكوى؟!

ثمّ رأيت ابن كثير -رحمه الله- يقول في تفسير قوله -تعالى-: {فإذا تَطَهَّرْنَ فَأتُوهُنَّ مِنْ حَيثُ أَمَرَكُمُ الله}: "فيه ندْب وإرشاد إلى غشيانهن بعد الاغتسال، وذهب ابن حزم إِلى وجوب الجماع بعد كل حيض، لقوله: {إذا تَطَهَّرْنَ فَاْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله}! وليس له في ذلك مستند؛ لأنّ هذا أمر بعد الحظر، وفيه أقوال لعلماء الأصول، منهم من يقول: إِنه للوجوب كالمطلق، وهؤلاء يحتاجون إِلى جواب ابن حزم. ومنهم من يقول: إِنه للإِباحة، ويجعلون تقدّم النهي عليه قرينة صارفة له عن الوجوب، وفيه نظر! والذي ينهض عليه الدليل أنه يُردّ الحكم إِلى ما كان عليه الأمر قبل النهي، فإِن كان واجباً فواجب؛ كقوله -تعالى-: {فإِذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين} (١)، أو مباحاً فمباح؛ كقوله -تعالى-: {وإِذا حللتم فاصطادوا} (٢)، {فإِذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض} (٣). وعلى هذا القول تجتمع الأدلّة ... ".

وجاء في "الفتاوى" (٣٢/ ٢٧١): "وسئل -رحمه الله تعالى- عن الرجل إِذا صبر على زوجته الشهر والشهرين لا يطؤها؛ فهل عليه إِثم أم لا؟ وهل يطالب الزوج بذلك؟


(١) التوبة: ٥.
(٢) المائدة: ٢.
(٣) الجمعة: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>