للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للذي أقرّ على نفسه: أَبِك جُنون؟ وقال علي: بقرَ حمزة خواصر شارفَيَّ (١)، فطفق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلوم حمزة، فإِذا حمزة ثَمِلٌ محمرّة عيناه، ثمّ قال حمزة: وهل أنتم إِلا عبيد لأبي؟ فعرف النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قد ثَمِلَ، فخرج وخرجنا معه. وقال عثمان: ليس لمجنون ولا لسكران طلاق. وقال ابن عباس: طلاقُ السكران والمستَكرَه ليس بجائز، وقال عقبة بن عامر: لا يجوز طلاق الموسوس، وقال عطاء: إِذا بدا بالطلاق فله شرطه، وقال نافع: طلق رجلٌ امرأته البتة إِن خرجت، فقال ابن عمر: إِن خرجت فقد بُتَّت منه، وإِن لم تخرج فليس بشيء، وقال الزُّهري فيمن قال: إِن لم أفعل كذا وكذا فامرأتي طالق ثلاثاً: يُسأل عمَّا قال وعقد عليه قلبه حين حلف بتلك اليمين، فإِن سمَّى أجلاً أراده وعقد عليه قلبه حين حَلَف؛ جُعلَ ذلك في دينه وأمانته، وقال إِبراهيم: إِن قال لا حاجة لي فيك نيته ...

وقال الحسن: إِذا قال: الحَقي بأهلك نيته. وقال ابن عباس: الطلاق عن وطَر (٢)، والعتاق ما أُريد به وجه الله. وقال الزهري: إِن قال: ما أنت بامرأتي نيته، وإن نوى طلاقاً فهو ما نوى. وقال عليٌّ: ألم تعلم أن القلم رُفع عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ، وقال عليّ: وكلُّ الطلاق جائز إِلا طلاق المعتوه".

ثمّ ذكر الإِمام البخاري -رحمه الله- حديث جابر -رضي الله عنه- "أنّ رجلاً مِن أسلم أتى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو في المسجد فقال: إنه قد زنى، فأعرض عنه،


(١) الشارف: الناقة المسنّة. "نووي".
(٢) "أي: أنه لا ينبغي للرجل أن يطلّق امرأته إِلا عند الحاجة كالنّشوز بخلاف العتق؛ فإِنه مطلوب دائماً". "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>