للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتنحَّى لشقه الذي أعرض فشهد على نفسه أربع شهادات، فدعاه فقال: هل بك جُنون؟ هل أُحصنت؟ قال: نعم، فأمر به أن يرجم بالمصلّى، فلمّا أذْلَقَتْهُ الحجارة؛ جمز (١) حتى أُدرك بالحرّة فقتل" (٢).

قلت: مراد الإِمام البخاري -رحمه الله- من إِيراد هذا الحديث تحت هذا الباب؛ أن من به جنون وشهد على نفسه بالزنى فلا يقام عليه الحدّ، فمن باب أولى ألا يقع منه الطلاق، والله أعلم.

قال الحافظ -رحمه الله- في "الفتح" (٩/ ٣٨٩): "اشتملت هذه الترجمة [أي: ترجمة الباب] على أحكام يجمعها أن الحكم إِنما يتوجه على العاقل المختار العامد الذاكر، وشمل ذلك الاستدلال بالحديث؛ لأن غير العاقل المختار لا نية له فيما يقول أو يفعل، وكذلك الغالط والناسي والذي يُكره على الشيء".

وفيه (ص٣٩٠): "واحتج عطاء بآية النحل: {إِلا من أُكره وقلبُه مُطمئن بالإِيمان} قال عطاء: الشرك أعظم من الطلاق، أخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح وقرره الشافعي بأن الله لما وضع الكفر عمن تلفظ به حال الإِكراه، وأسقط عنه أحكام الكفر؛ فكذلك يسقط عن المكره ما دون الكفر؛ لأن الأعظم إِذا سقط سقط ما هو دونه بطريق الأولى، وإلى هذه النكتة أشار البخاري بعطف الشرك على الطلاق في الترجمة".

وفي طلاق السكران خلاف بين العلماء، والسُّكر -عياذاً بالله- متفاوِتٌ في تأثيره.


(١) أي: أسرع هارباً من القتل. "النّهاية".
(٢) أخرجه البخاري: ٥٢٧٠، ومسلم: ١٦٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>