الطويل في شرحه والكلام عليه، ونصرة القول بوقوع الطلاق الثلاث طلقة واحدة فقط، كما هو معروف مشهور.
وأول ما نبحث فيه أن نحدد موضع الخلاف بين القائلين بوقوع الطلقات الثلاث مجموعة وبين القائلين وقوعها طلقة واحدة.
فالذي يظنه كل الناس، والذي يفهم من أقوال جمهور من تعرضوا لهذا البحث من العلماء: أنهم يريدون بالطلاق الثلاث لفظ (طالق ثلاثاً) وما في معناه، أي: لفظ الطلاق موصوفاً بعدد لفظاً أو إِشارة أو نحو ذلك. ويعتبرون أنَّ الخلاف بين المتقدمين في وقوع الطلاق الثلاث أو عدم وقوعه؛ إِنما هو في هذه الكلمة وما في معناها، بل ويحملون كل ما ورد في الأحاديث والأخبار من التعبير عن إِيقاع طلقات ثلاث على أنه قول المطلِّق:(طالق ثلاثاً).
وكل هذا خطأ صرف، وانتقال نظر غريب، وقلبٌ للأوضاع العربية في الكلام، وعدول عن استعمالٍ صحيحٍ مفهومٍ إِلى استعمال باطل غير مفهوم.
ثمّ تغالوا في ذلك حتى قال قائلهم: إِذا خاطب أمرأته بلفظ من ألفاظ الطلاق، كقوله: أنت طالق أو بائن أو بَتّةٌ أو ما أشبهها ونوى طلقتين أو ثلاثاً وقع، فجعلوا النية تقوم مقام العدد اللفظي.
ووجه الخطأ في ذلك: أن العقود كالبيع والنكاح، والفسوخ كالإِقالة والطلاق: حقائق معنوية، لا وجود لها في الخارج إِلا بإِيجادها بالدلالة عليها بالألفاظ التي وُضِعت لها، في العرف اللغوي في الجاهلية، ثمّ العرف الشرعي