للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس: أن الإِشهاد هو الطلاق، وظن أن الطلاق الذي لا يشهد عليه لا يقع. وهذا خلاف الإِجماع (١)، وخلاف الكتاب والسّنة، ولم يقل أحد من العلماء المشهورين به؛ فإِن الطلاق أذن فيه أولاً، ولم يأمر فيه بالإِشهاد، وإِنما أمر بالإِشهاد حين قال: {فإِذا بلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروف أو فارقوهنّ بمعروف} والمراد هنا بالمفارقة تخلية سبيلها إِذا قضت العدة، وهذا ليس بطلاق ولا برجعة ولا نكاح. والإِشهاد في هذا باتفاق المسلمين، فعلم أن الإِشهاد إِنما هو على الرجعة، ومن حكمة ذلك: أنه قد يطلقها ويرتجعها، فيزين له الشيطان كتمان ذلك حتى يطلقها بعد ذلك طلاقاً محرماً ولا يدري أحد، فتكون معه حراماً، فأمر الله أن يشهد على الرجعة ليظهر أنه قد وقعت به طلقة".

وإِذا عَرف المرء رأي شيخ الإِسلام -رحمه الله- في الإِشهاد في النكاح؛ وأنه يرى حصولَه مع الإِعلان ولو لم يَشْهَد شاهدان، إِذا كان كذلك؛ انقدح في ذهنه أنّ هذا له أثره في فتواه -رحمه الله- في مسألة عدم إِيجاب الإِشهاد في الطلاق، علماً أنّ الإِشهاد في النكاح أقوى نصّاً وفقهاً من الإِشهاد في الطلاق كما هو ظاهر النُّصوص.

جاء في "الفتاوى" (٣٢/ ١٢٧): "واشتراط الإِشهاد وحده ضعيف؛ ليس له أصل في الكتاب ولا في السنة، فإِنه لم يثبت عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه حديث (٢).


(١) قال الموزعي في "تيسير البيان": وقد اتفق الناس على أن الطلاق من غير إشهاد جائز. قاله في "سبل السلام" (٣/ ٣٤٨). وفي "السيل الجرار" (٢/ ٤١٠): "وقد وقع الإِجماع على عدم وجوب الإِشهاد في الطلاق واتفقوا على الاستحباب".
(٢) وقد خالفه من العلماء مَن خالفه في هذا؛ فهذا رأيه، رحم الله الجميع.

<<  <  ج: ص:  >  >>