فليس لهم قول يثبت على معيار الشرع، إِذا كان فيهم من يجوزه بشهادة فاسقين، والشهادة التي لا تجب عندهم قد أمر الله فيها بإِشهاد ذوي العدل، فكيف بالإِشهاد الواجب؟! ".
وقال -رحمه الله- (ص ١٢٩): "وأمَّا النكاح فلم يرد الشرع فيه بإِشهاد واجب ولا مستحب، وذلك أن النكاح أُمِر فيه بالإِعلان، فأغنى إِعلانه مع دوامه عن الإِشهاد، فإِن المرأة تكون عند الرجل والناس يعلمون أنها امرأته، فكان هذا الإِظهار الدائم مُغنياً عن الإِشهاد كالنسب؛ فإِن النسب لا يحتاج إِلى أن يُشهِد فيه أحداً على ولادة امرأته؛ بل هذا يظهر ويعرف أن امرأته ولدت هذا فأغنى هذا عن الإِشهاد؛ بخلاف البيع؛ فإِنّه قد يجحد ويتعذر إِقامة البينة عليه.
ولهذا إِذا كان النكاح في موضع لا يظهر فيه كان إِعلانه بالإِشهاد، فالإِشهاد قد يجب في النكاح؛ لأنَّه بِهِ يُعلَن ويُظهَر؛ لا لأنَّ كل نكاح لا ينعقد إِلا بشاهدين؛ بل إِذا زَوَّجَهُ وَلِيَّتَهُ ثمّ خرجا فتحدثا بذلك وسمع الناس، أو جاء الشهود والناس بعد العقد فأخبروهم بأنه تزوجها؛ كان هذا كافياً، وهكذا كانت عادة السلف، لم يكونوا يكلَّفون إِحضار شاهدين، ولا كتابة صَداق".
وقال -رحمه الله- (ص ١٣٠): "فالذي لا ريب فيه أن النكاح مع الإِعلان يصح، وإِن لم يشهد شاهدان. وأمّا مع الكتمان والإِشهاد فهذا مما ينظر فيه. وإذا اجتمع الإِشهاد والإِعلان، فهذا الذي لا نزاع في صحته.
وإِن خلا عن الإِشهاد والإِعلان: فهو باطل عند العامَّة فإِن قُدِّرَ فيه خلاف فهو قليل. وقد يظن أن في ذلك خلافاً في مذهب أحمد، ثم يقال: ما يميز