عليه رجلان بطلاق امرأته، ففرّق القاضي بينهما فرجع أحد الشاهدين وتزوجها الآخر قال: فقال الشعبي: مضى القضاء ولا يلتفت إِلى رجوع الذي رجع".
وبذا فمن رأى أنّه قد طلَّق، أو أُفْتيَ بالطلاق فقد وقع طلاقه لأنّ له قولاً من أهل العلم.
فأصل القاعدة التي يُستفاد منها من حديث عمران بن الحصين أنّ السنّة هو الإِشهاد وهذا من باب التّأصيل وبيان القاعدة؛ ولا بُدّ لنا أن نتأمّل قول عمران ابن الحصين -رضي الله عنه- فإِنه لم يقل: "طلقتَ لغير سُنّة وراجعت لغير سُنّة" وسكت، ولكنه قال: "أشهِد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعُد". فدلّ على عدم الجواز -والله أعلم-.
٣ - لقد عَهِدنا في الأبحاث الفقهية ذكر المشروعيّة مع الدليل على ذلك، فيقولون مثلاً: مشروعيّة الوضوء، مشروعيَّة الأذان، مشروعيّة الصيام ... إِلخ.
فهل لقائلٍ أن يقول: مشروعيّة عدم الإِشهاد على الطلاق؟! علماً بأن المشروعيّة تمضي على الرّكن والواجب والمستحبّ.
٤ - أنّ الطلاق لا يقع إِلا بنيَّة وعَزْمٍ، وقد قال الله -تعالى-: {فإِنْ عَزَمُوا الطَّلاق} فما من شخصٍ طلب الإِشهاد على الطّلاق، إِلا ظهر إِنْ كان له عزمٌ في ذلك أم لا، إِذ هو بلا إِشهادٍ يُمضيه فيندم، ويقول: لا، والله ما أردته! ولا أدري كيف كان ذلك! أمَّا حين ينتظر وصول شاهدي عدلٍ، فتسكن نفسُه ويهدأُ فؤاده، وتذهب عنه الوساوس، وقد يُسهم الشَّاهدان في الإِصلاح، فلا يُطلِّق إِلا من أراد الطَّلاق حقَّاً وقل: لا يُطلِّق إِلا من عزم ذلك.