للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقدّم قول العلاَّمة أحمد شاكر -رحمه الله-: "والظَّاهر من سياق الآيتين أنَّ قوله: {وأشهِدوا} راجِعٌ إِلى الطلاق وإلى الرّجعة معاً، والأمر للوجوب".

ثانياً: وأقرب شيء إِلى الدَّليل والنّص كذلك حديث عمران بن الحصين -رضي الله عنه-: "طلَّقتَ لغير سنّة، وراجعتَ لغير سنّة، أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعُد" فقوله. طلَّقتَ لغير سنّة؛ دل على أنّ السنّة هو الإِشهاد، والبدعة عدم الإِشهاد، وقولُه: من السنّة في حُكْم المرفوع كما تقدّم، ولنا أنْ نقول بقول النّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من عمِل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ" (١)، بمعنى: رُدَّ هذا الطلاق (٢).

لكنّ إِمضاء طلاق ورجعة هذا الذي سُئل عنه عمران بن الحصين -رضي الله عنه- فهو من باب قول المفتي: "قُضِيَ الأمر" فحين يأتي شخصٌ يستفتي في الطَّلقة الثّالثة مثلاً، فيُفتي له عالمٌ بإِيقاعها وبينونة زوجته بينونْةً كُبرى، ثُمّ بعد مُدَّة تزوّجت من آخر، فليس للزَّوج المُطلِّق أن يطلُب إِلغاء النِّكاح الآخر؛ لتعود إِليه زوجته، لسببٍ يتعلَّق في الفتوى السَّابقة؛ ولِقَناعةٍ شرعيّةٍ ما تستند على نُصوص أخَذ بها عُلماء؛ لأنّ هذا يُفضي إِلى التّلاعب في النِّكاح والطلاق، بل في كثيرٍ من مسائل الدّين.

وهذا ما كان يقوله شيخنا -رحمه الله- كما تقدّم.

ومن هذا الباب ما رواه ابن أبي شيبة في "المصنّف" (٤/ ١٩٦) برقم (١٩٢٠٨): "وساق إِسناده إِلى الشعبي -رحمه الله- أنه سئل عن رجلٍ شهد


(١) تقدّم تخريجه.
(٢) وسيأتي -إِن شاء الله تعالى- ما يتعلَّق بإِيقاع طلاق الحائض مع بِدْعيَّته.

<<  <  ج: ص:  >  >>