للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لا تستجيب لطاعته، إِلى غير ذلك من الأخلاق الفاسدة التي تحقق أنها صارت مَلَكَةً راسخة فيها مُرِّنت عليها وانطبعت فيها، فلا جَرَمَ أنها حينئذ جرثومة النكد، ومادة النقص، ومباءة الفساد والإِفساد للمروءة والدين والدنيا، فمثل هذه المشؤومة مما يُشرع طلاقها ويُندب إِنْ لم يجب، وقد ورد في هذا ما أخرجه البخاري في "صحيحه" عن ابن عباس -رضي الله- أنه قال: "الطلاق عن وطر" (١).

قال الحافظ ابن حجر: أي: أنه لا ينبغي للرجل أن يُطلِّق امرأته إِلا عند الحاجة كالنشوز.

وقال الإِمام ابن القيّم في "إِعلام الموقعين": "معنى قول ابن عباس: إِنما الطلاق عن وطَر؛ أي: عن غرض من المطلِّق في وقوعه".

الأدب الخامس: أنْ لا يُطلِّق ثلاثاً دفعة واحدة ....... (٢).

قال ابن القيّم: ". ... [فإِن الله -تعالى- أراد من المرء] أن يُطلّق طلاقاً يملك فيه ردّ المرأة إِذا شاء، فطلّق طلاقاً يريد به أن لا يملك فيه ردّها، وأيضاً فإِن إِيقاعه الثلاثَ دفعةً مخالفٌ لقوله -تعالى-: {الطلاق مرتان} (٣)، والمرتان والمرّات في لغة القرآن والسّنة -بل ولغة العرب بل ولغة سائر الأمم- لِما كان مرة بعد مرة، فإِذا جمع المرتين والمرات في مرة واحدة؛ فقد تعدى حدود الله -تعالى- وما دلّ عليه كتابه، فكيف إِذا أراد باللفظ الذي رتَّب عليه الشارع حُكماً ضد


(١) تقدَّم.
(٢) حذفْتُ الحديث الذي ذكَره لعدم ثبوته.
(٣) البقرة: ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>