للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضاروهنّ} (١) ولقوله -تعالى-: {فإِن أطعْنكُم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً} (٢).

وأعظم البغي على النساء تطليقهنّ للمُضارّة والتشفّي والإِيذاء وتخريب بنيان المعيشة.

وقد تنبه لهذا الأدب من رأى أنَّ تطليق المرأة في مرض الموت لا يمنعها من الإِرث، لأنه لما قصَد بطلاقها حرمانها من حقّها المشروع؛ عومل بنقيض قصْده عدلاً ورحمة من الشارع، فقد قال مالك: من حُجَّتنا في الذي يتزوج وهو مريض (٣) أنه ليس له ميراث؛ لأنه يُمْنع أنْ يُطلِّق وهو مريض، فكَما يُمْنع من الطَّلاق وهو مريض لحقّ امرأته في الثُّمن؛ فإِنَّه لا ينبغي أن يدخل عليها من يَنقصُها من ثُمنها.

قال ابن رشد: هذا بيِّن لأن المعنى الذي من أجله لم يجز أن يطلق في المرض موجود في النكاح، فلا يجوز له أن يُدخل وارثاً على ورثته؛ كما لا يجوز أن يخرج عنهم وارثاً.

الأدب الرابع: أن يُطلّق لداعٍ لا يتأتّى معه اتخاذها زوجة، كأن يراها لا تردّ يد لامس (٤)، أو لا تؤمَّن على مالٍ ولا سرّ، أو لا تحفظ نظام بيته ورعاية حرمته،


(١) الطلاق: ٦.
(٢) النساء: ٣٤.
(٣) أقول: ليس للرجل أنْ يُطلِّق أو يَنكَح، في مرض الموت لِيَنقص أو ليمنع الميراث؛ ولكنْ له أنْ يَنكح أو يُطلِّق في مرضه إِذا كان له مصلحة في أيٍّ منهما -والله تعالى أعلم-.
(٤) قيل: إِنها تُعطي من ماله من يطلب منها، وقيل غير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>