للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثابت بن شمَّاس لما اختلعت من زوجها أن تعتدّ بحيضة واحدة (١)، وبه قضى عثمان -رضي الله عنه- (٢) وإليه ذهب الإِمام إِسحاق بن راهويه والإِمام أحمد في رواية عنه اختارها شيخ الإِسلام ابن تيمية.

قال: من نظر هذا القول وجَده مقتضى قواعد الشريعة، فإِنَّ العدة إِنما جُعلت ثلاث حيضٍ ليطول زمن الرّجعة ويتروّى الزوج ويتمكن من الرجعة في مدة العدّة. فإِذا لم تكن عليها رجعة فالمقصود مجرد براءة رحمها من الحمْل، وذلك يكفي فيه حيضة كالاستبراء، قال: ولا ينتقض هذا بالمطلقة ثلاثاً، فإِنَّ باب الطلاق جعل حُكْم العدّة فيه واحدة بائنة ورجعية (٣).

الأدب الثالث: أن لا يكون القصْدُ بإِيقاع الطلاق مضارَّة الزوجة، فإِنّ الضِّرار ممنوع شرعاً لحديث: "لا ضرر ولا ضرار" (٤)، ولعموم آية: {ولا


(١) أخرجه النسائي "صحيح سنن النسائي" (٣٢٧٢) ولفظه: عن ثابت بن قيس بن شمَّاس: "أنه ضرب امرأته فكَسَر يدها -وهي جميلة بنت عبد الله بن أُبي- فأتى أخوها يشتكيه إِلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأرسل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلى ثابت، فقال له: خُذ الذي لها عليك، وخلّ سبيلها، قال: نعم. فأمَرها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تتربص حيضة واحدة، فتلحق بأهلها".
(٢) أخرجه ابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (١٦٧٤)، والنسائي "صحيح سنن النسائي" (٣٢٧٣) ولفظه: "عن رُبيِّع بنت معوِّذ قالت: اختلَعْتُ من زوجي، ثمّ جئت عثمان، فسألتُهُ ماذا عليّ من العدة؟ فقال: لا عدة عليك، إِلا أن تكوني حديثة عهد به فتمكثي حتى تحيضي حيضة، قال: وأنا متبع في ذلك قضاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مريم المغاليّة؛ كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس فاختلعت منه".
(٣) انظر "زاد المعاد" (٥/ ١٩٧) ونقله جمال الدين القاسي -رحمه الله- بتصرّف.
(٤) أخرجه أحمد وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (١٨٩٥) وغيرهما وهو حديث صحيح خرّجه شيخنا -رحمه الله- في "الإرواء" (٨٩٦)، و"الصحيحة" (٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>