وقال -رحمه الله- (ص ٦٨٦): "وذكر حماد بن زيد، عن أيوب السَّختياني، عن محمد بن سيرين أن امرأة توفي زوجها وهي مريضة، فنقَلها أهلها، ثمّ سألوا فكُلُّهم يأمرهم أن تُردَّ إِلى بيت زوجها، قال ابن سيرين: فرددناها في نمَط. وهذا قول الإِمام أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة -رحمهم الله- وأصحابهم والأوزاعي وأبي عبيد وإسحاق.
قال أبو عمر بن عبد البر: وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز، والشام، والعراق، ومصر".
ثمَّ قال (ص ٦٨٧): "قالوا: ونحن لا نُنكر النزاع بين السلف في المسألة، ولكن السّنة تفصل بين المتنازعين، قال أبو عمر بن عبد البر: أمّا السّنة، فثابتة بحمد الله. وأمّا الإِجماع، فمستغنى عنه مع السّنة، لأن الاختلاف إِذا نزل في مسألة، كانت الحجة في قول من وافَقَتْهُ السّنة (١).
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: أخذ المترخّصون في المتوفّى عنها بقول عائشة -رضي الله عنها-، وأخَذ أهل العزم والورع بقول ابن عمر.
فإِن قيل: فهل ملازمة المنزل حقٌّ عليها، أو حقٌّ لها؟ قيل: بل هو حقٌّ عليها إِذا ترَكه لها الورثة، ولم يكن عليها فيه ضررٌ، أو كان المسكن لها، فلو حوّلها الوارث، أو طلبوا منها الأجرة، لم يلزمها السكن، وجاز لها التحول.
(١) وهذا قول عزيز نفيس؛ يجب أن يعضّ طالب العلم عليه بالنّواجذ، وأنْ يسأل الله -سبحانه- أن يهبه العزيمة القوية في طلب الحق ومعرفة الصواب.