وأمّا من قُتل مع النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومن مات في حياته، فلم يأت قط أن نساءهم كن يعتددن حيث شئن، ولم يأت عنهن ما يُخالف حُكم حديث فُريعة ألبتة، فلا يجوز ترك السنة الثابتة لأمرٍ لا يعلم كيف كان، ولو عُلم أنهن كن يعتددن حيث شئن، ولم يأت عنهن ما يخالف حُكْم حديث الفريعة، فلعل ذلك قبل استقرار هذا الحكم وثبوته حيث كان الأصل براءة الذمة، وعدم الوجوب".
وجاء في "سُبل السلام" (٣/ ٣٨٥) -بعد حديث فُريعة بنت مالك رضي الله عنها-: "والحديث دليل على أن المتوفى عنها زوجها تعتد في بيتها الذي نوت فيه العدة، ولا تخرج منه إِلى غيره، وإلى هذا ذهب جماعة من السلف والخلف، وفي ذلك عدة روايات وآثار عن الصحابة ومن بعدهم.
وقال بهذا أحمد والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم. وقال ابن عبد البر: وبه يقول جماعة من فقهاء الأمصار بالحجاز والشام ومصر والعراق، وقضى به عمر بمحضر من المهاجرين والأنصار".
وجاء في "الروضة الندية" (٢/ ١٥٠): "وقد ذهَب إِلى العمل بحديث فريعة جماعة من الصحابة فمن بعدهم، وقد روي جواز الخروج للعذر عن جماعة من الصحابة فمن بعدهم، ولم يأت من أجاز ذلك بحجة تصلح لمعارضة حديث فريعة، وغاية ما هناك روايات عن بعض الصحابة وليست بحجة، لا سيما إِذا عارضَت المرفوع".
وقال شيخنا -رحمه الله- في "الإِرواء" (٧/ ٢٠٧) في (التحقيق الثاني): "ثمّ رأيت ابن القيّم قد انتصر لصحة الحديث ... كما انتصر لقول من قال بوجوب العمل به -وهم الجمهور-، ويؤيّده تصحيح من صحّحه من الأئمة دون