للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحسن: ولِّ حارَّها من تولّى قارَّها (١). فكأنه وجد عليه، فقال: يا عبد الله بن جعفر! قم فاجلده، فجلده وعليّ يَعُدُّ حتّى بلغ أربعين، فقال: أمسك، ثمّ قال: جلد النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌّ سُنّة وهذا أحبُّ إِليّ" (٢).

قال الحافظ في "التلخيص": " ... فلو كان هُو المشير بالثمانين؛ ما أضافها إِلى عمر ولم يعمل بها؛ لكن يمكن أن يُقال: إِنه قال لعمر باجتهاده، ثمّ تغيّر اجتهاده"، وذكره شيخنا -رحمه الله- في "الإرواء" (٨/ ٤٧).

والذي بدا من خلال أقوال العلماء أن الزيادة من جملة أنواع التعزير، وورد تعليل الزّيادة على الأربعين بالعُتوّ والطغيان والفساد.

فعن السائب بن يزيد قال: "كُنّا نُؤتى بالشارب على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإِمرة أبي بكر، وصدراً من خلافة عمر؛ فنقوم إِليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا؛ حتّى كان آخر إِمرة عمر؛ فجلد أربعين، حتّى إِذا عتَوا وفسقوا؛ جلد ثمانين" (٣).


(١) قال الإمام النووي -رحمه الله- (١٢/ ٢١٩): "ولّ حارّها مَنْ تولى قارّها: الحار الشديد المكروه والقارّ البارد الهنيء الطيب، وهذا مَثلٌ مِن أمثال العرب. قال الأصمعي وغيره: معناه ولّ شدتها وأوساخها من تولى هنيئها ولذّاتها والضمير عائد إِلى الخلافة والولاية أي: كما أن عثمان وأقاربه يتولون هنيء الخلافة ويختصون به يتولون نكدها وقاذوراتها، ومعناها ليتولّ هذا الجَلْد عثمان بنفسه أو بعض خاصة أقاربه الأدنين. والله أعلم".
(٢) أخرجه مسلم (١٧٠٧).
(٣) أخرجه البخاري (٦٧٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>