للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا ما روي عن ابن عباس كما أخرجه الشافعي في "مسنده" أنَّه قال في قُطَّاع الطَّريق: "إِذا قَتَلوا وأخذوا الأموال صُلِّبوا، وإِذا قتلُوا ولم يأخذوا المالَ قُتِلُوا ولم يُصَلَّبُوا، وإِذا أخذوا المال ولم يقتُلُوا قُطِعَت أيْديهم وأرْجلهم من خِلاف، وإِذا أخافُوا السَّبيل ولم يأخذوا مالاً نُفُوا من الأرض".

فليس هذا الاجتهاد ممَّا تقوم به الحُجَّة على أحد، ولو فرضنا أنَّه في حكم التَّفسير للآية. وإِنْ كان مخالفاً لها غاية المخالفة، ففي إِسناده إِبراهيم بن أبي يحيى وهو ضعيف جدّاً لا تقوم بمثله الحُجَّة (١).

وقد ذهب إِلى مِثل ما ذهبنا إِليه جماعة من السَّلف كالحسن البصري وابن المسيِّب ومجاهد.

وأسعد الناس بالحق من كان معه كتاب الله. وقد ثبت عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في العرنيين أنَّه فعل بهم أحد الأنواع المذكورة في الآية -وهو القَطْع كما في الصحيحين، وغيرهما من حديث أنس- والمراد بالصلب المذكور في الآية هو الصلب على الجذوع، أو نحوها حتَّى يموت إِذا رأى الإِمام ذلك، أو يصلبه صلباً لا يموت فيه. فإِنَّ اسم الصَّلب يصدُق على الصَّلب المفضي إِلى الموت، والصَّلب الذي لا يُفضي إِلى الموت.

ولو فرضنا أنَّه يختصّ بالصَّلب المفضي إِلى الموت. لم يكن في ذلك تكرار بعد ذِكر القتل، لأنَّ الصَّلب هو قتْلٌ خاص. وأمَّا النَّفي من الأرض فهو طرْده من الأرض التي أفسد فيها ... " انتهى.

قلت: وقد ورد في بعض ألفاظ الحديث: " ... فبلغ ذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -


(١) انظر "الإِرواء" (٢٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>