للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا فلا بدَّ مِن حَمل التَّخيير على التَّفصيل، فلا إِشكال، وقد أشار الأستاذ السَّعدي إِلى هذا جزاه الله خيراً.

وجاء في "الروضة النديَّة" (٢/ ٦١٨) -بحذف-: "يفعل الإِمامُ مِنْها ما رأى فيه صلاحاً؛ لكلِّ منْ قَطَعَ طَريقاً وَلَو في المِصْر إِذا كان قد يسَعَى في الأرض فَساداً".

هذا ظاهر ما دلَّ عليه الكتاب العزيز مِنْ غير نظرٍ إِلى ما حدث من المذاهب، فإِنَّ الله -سبحانه- قال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الذينَ يُحَارِبُونَ اللهَ ورَسُولَهُ ويَسْعَوْنَ في الأرْضِ فَسَاداً} (١)، فضمَّ إلى محاربة الله ورسوله ... السَّعي في الأرض فساداً، فكان ذلك دليلاً على أنَّ مَن عصى الله ورسوله بالسَّعي في الأرض فساداً؛ كان حدُّه ما ذكره الله في الآية.

ولمّا كانت الآية الكريمة نازلة في قُطَّاع الطريق وهم العرنيُّون، كان دخولُ مَن قَطَعَ طريقاً تحت عموم الآية دخولاً أوَّليّاً ثم حصر الجزاء في قوله: {أنْ يُقَتَّلُوا أو يُصَلَّبُوا أو تُقَطَّعَ أيْدِيهمْ وأرْجُلُهُم منْ خِلاف أو يُنْفَوا مِنَ الأرضِ} فخيَّر بين هذه الأنواع فكان للإِمام أن يختار ما رأى فيه صلاحاً منها.

فإِنْ لم يكن إِمامٌ فمن يقوم مقامه في ذلك من أهل الولايات، فهذا ما يقتضيه نَظْم القرآن الكريم، ولم يأت من الأدلَّة النبويَّة ما يصرف ما يدلّ عليه القرآن الكريم عن معناه الذي تقتضيه لغة العرب.


(١) المائدة: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>