وحيث لم تقع بعد طلب في هذه الآية، فإِنَّ حَمْلها على التَّفصيل أولى من الناحية النَّحويَّة، وكذلك من الناحية الشَّرعيَّة؛ لأن القاعدة العامَّة في التَّشريع الإسلامي أنَّ العقوبة تكون بمقدار الجناية، لقوله -تعالى- في جزاء جناية صيد المحرم في الحج: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النًعَمِ} (ب). ٢ - لو سلَّمنا أنَّها للتخيير على رأي الفريق الأوَّل، فإنَّه لدى التَّحقيق يتبيَّن لنا أنَّ مِثل هذا التَّخيير يتَّفق مع معنى التَّفصيل من حيثُ المعنى، وذلك لأنَّ الحكم المخير فيه إِذا كان سببه مختلفاً فإِنَّه يكون لبيان كل واحد من المخير بنفسه. يوضح ذلك قوله -تعالى-: {إِمَّا أنْ تُعَذِّبَ وإِمّا أن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} (ج). فإنَّه ليس المراد هنا التَّخيير بين التَّعذيب أو الإِحسان مُطلقاً من غير ملاحظة عَمَل من يعذبهم أو يحسن إليهم، وإنما المراد بيان حُكمِ كلِّ صنف، أي إِمّا أن تعذب من ظلم أو تَتَّخذ الحسن فيمن آمن ولم يظلم. فكذلك التخيير في إنزال العقوبة بقطاع الطريق إِنَّما يكون لبيان كل صنف منهم على حِدَة؛ لأنَّ سبب تلك العقوبة مُختلف. وبهذا يتَّضِح لنا أنَّ إِنزال العقوبة بهم يكون على وفق جنايتهم ... ".