للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخَذوا المال، سقط الصَّلب، وتحتم القتل، وبقي القِصاص، وضمان المال.

وإِنْ كانوا قد أخذوا المال، سقط القطع، وأُخذِت الأموال منهم إِن كانت بأيديهم، وضمنوا قيمة ما استهلكوا؛ لأنَّ ذلك غَصْبٌ، فلا يجوز ملكه لهم، ويصرف إِلى أربابه، أو يجعله الحاكم عنده، حتى يعلم صاحبه؛ لأنَّ توبتهم لا تصح إِلا إِذا أعادوا الأموال المسلوبة إِلى أربابها.

فإِذا رأى أولو الأمر إِسقاط حقٍّ ماليٍّ عن المفسدين؛ مِن أجل المصلحة العامَّة، وجب أن يضمنوه من بيت المال* (١).

جاء في "المغني" (١٠/ ٣١٤): "فإِنْ تابوا من قبل أن يُقدَر عليهم؛ سقطت عنهم حدود الله -تعالى- وأخذوا بحقوق الآدميِّين من الأنفس والجراح والأموال؛ إِلا أن يُعفى لهم عنها.

لا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم، وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرَّأي وأبو ثور، والأصل في هذا قول الله -تعالى-: {إِلا الذينَ تَابُوا منْ قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِم فَاعْلَمُوا أنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

فعلى هذا يسقط عنهم تحتم القتل والصلب والقطع والنفي، ويبقى عليهم القِصاص في النفس والجراح وغرامة المال والدِّيَة لما لا قِصاص فيه.

فأمّا إِنْ تاب بعد القدرة عليه؛ لم يسقط عنه شيء من الحدود؛ لقول الله تعالى: {إِلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} فأوجب عليهم الحدّ ثم استثنى التائبين قبل القدرة، فمن عداهم يبقى على قضِيّة العموم، ولأنّه إِذا


(١) ما بين نجمتين من "فقه السنة" (٣/ ٢٥٣) -بتصرف-.

<<  <  ج: ص:  >  >>